٨٨ - (قَتْلُ الْغُرَابِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الغُرَاب": الطائر الأسود، والجمع أَغْربة، وأَغرُب، وغِرْبانٌ، وغرُبٌ، قال:
وَأَنْتُمْ خِفَافٌ مِثْلُ أَجْنِحَةِ الْغُرُبْ
وَغَرَابينُ جمعُ الجمع. والعرب تقول: فلا أبصرُ من غراب، وأحذرُ من غراب، وأزهى من غراب، وأصفى عيشًا من غراب، وأشدّ سوادًا من غراب، وإذا نعتوا أرضًا بالخِصْب، قالوا: وقع في أرض لا يطير غرابها، ويقولون: وجد تمرة الغراب؛ وذلك أنه يتبع أجود التمر، فينتقيه، ويقولون: أشأم من غراب، وأفسق من غراب، ويقولون: طار غراب فلان: إذا شاب رأسه. قاله في "اللسان". واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
٢٨٣٥ - (أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, سُئِلَ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ؟ , قَالَ: «يَقْتُلُ الْعَقْرَبَ, وَالْفُوَيْسِقَةَ, وَالْحِدَأَةَ, وَالْغُرَابَ, وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح. و"يحيى بن سعيد" هنا هو الأنصاريّ.
وقوله: "الفويسقة": تصغير فاسقة، والمراد بها الفأرة، سميت بها لخروجها من جحرها على الناس، وإفسادها عليهم.
وقد جاء في "الصحيحين" تسمية الخمس بالفواسق: "ولفظه: "خمس فواسق يقتلن في الحرم … ". قال النووي: هو بإضافة "خمس"، لا بتنوينه، وذكر فيه ابن دقيق العيد في "شرح العمدة" الوجهين، واستدلّ على التنوين بقوله في حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - في رواية أخرى في "الصحيح": "خمس من الدوابّ كلهنّ فواسق"، وقال: إن رواية الإضافة ربما تشعر بالتخصيص، ومخالفة حكم غيرها لها بطريق المفهوم، ورواية التنوين تقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى، وقد تشعر بأن الحكم المرتّب على ذلك، وهو القتل معلل بما جعل وصفًا، وهو الفسق، فيقتضي ذلك التعميم لكلّ فاسق من الدوابّ، وهو ضدّ ما اقتضاه الأول من المفهوم، وهو التخصيص انتهى.
قال النووي: وأما تسمية هذه المذكورات فواسق، فصحيحة جارية على وفق اللغة، وأصل الفسق في كلام العرب الخروج، وسمي الرجل الفاسق لخروجه عن أمر اللَّه