للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثانية، وَقَدْ يفرق حكم الرحبة منْ المسجد، فِي جواز اللغط ونحوه فيها، بخلاف المسجد، مع إعطائها حكم المسجد فِي الصلاة فيها، فقد أخرج مالك فِي "الموطإ" منْ طريق سالم بن عبد الله بن عمر، قَالَ: بني عمر إلى جانب المسجد رحبة، فسماها البطحاء، فكان يقول: منْ أراد أن يلغط، أو يُنشد شعرا، أو يرفع صوتا، فليخرج إلى هذه الرحبة. انتهى "فتح" ١٥/ ٥٨.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن الحكم فِي المسجد جائز، كما ثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، لكن إذا كَانَ هناك شيء يتنافى مع حرمة المسجد، ككون أحد الخصمين حائضًا، أو جنبًا، أو ليس مسلمًا، خرج إلى خارج المسجد، فحكم هناك، والأولى منْ ذلك كله أن يتّخذ مكانا ظاهرًا يصلح لكل النَّاس، كما هو المعمول به فِي زماننا هَذَا، وقبله بدهور. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٢١ - (الاسْتِعْدَاءُ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "الاستعداء" مصدر استعدى، قَالَ الفيّوميّ رحمه الله تعالى: استعديت الأمير عَلَى الظالم: طلبت منه النصرة، فأعداني عليه: أعانني، ونصرني، فالاستعداء: طلب التقوية، والنصرة، والاسم: الْعَدْوَى بالفتح. قَالَ ابن فارس: الْعَدْوَى: طلبك إلى وال لِيُعْديك عَلَى منْ ظلمك: أي ينتقم منه باعتدائه عليه، والفقهاء يقولون: مسافةُ العدوى، وكأنهم استعاروها منْ هذه الْعَدْوَى؛ لأن صاحبها يَصِل فيها الذهاب والعود بعدْو واحد؛ لما فيه منْ القوّة والجلادة. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب.

٥٤١١ - (أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَزِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: قَدِمْتُ مَعَ عُمُومَتِي الْمَدِينَةَ، فَدَخَلْتُ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا، فَفَرَكْتُ مِنْ سُنْبُلِهِ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ، فَأَخَذَ كِسَائِي، وَضَرَبَنِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَسْتَعْدِي عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ، فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ دَخَلَ حَائِطِي، فَأَخَذَ مِنْ سُنْبُلِهِ فَفَرَكَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلاً، وَلَا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا، ارْدُدْ عَلَيْهِ كِسَاءَهُ"، وَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِوَسْقٍ،