نظر، ويمكن أن يكون أضاف كل ودجين إلى الأنواع كلها، هكذا اقتصر عليه بعض الشراح، وبقي وجه آخر، وهو أنه أطلق عَلَى ما يُقطع فِي العادة وَدَجًا؛ تغليبا، فقد قَالَ أكثر الحنفية فِي كتبهم: إذا قطع منْ الأوداج الأربعةِ ثلاثةً، حصلت التذكية، وهما: الحلقوم، والمريء، وعرقان منْ كل جانب. وحكى ابن المنذر عن محمد بن الحسن: إذا قَطع الحلقوم والمريء، وأكثر منْ نصف الأوداج أجزأ، فإن قطع أقل، فلا خير فيها. وَقَالَ الشافعيّ: يكفي، ولو لم يقطع منْ الودجين شيئًا؛ لأنهما قد يُسَلّان منْ الإنسان وغيره، فيعيش. وعن الثوري: إن قطع الودجين أجزأ، ولو لم يقطع الحلقوم والمريء. وعن مالك، والليث: يشترط قطع الودجين، والحلقوم فقط، واحتج له بما فِي حديث رافع:"ما أنهر الدم"، وإنهاره إجراؤه، وذلك يكون بقطع الأوداج؛ لأنها مجرى الدم، وأما المريء، فهو مجرى الطعام، وليس به منْ الدم ما يحصل به إنهار، كذا قَالَ. انتهى المقصود منْ "الفتح" ١١/ ٧١ - ٧٢.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: المعتبر فِي الذبح هو إخراج الدم، فما كَانَ قطعه طريقًا إلى إخراجه هو المطلوب، وليس فِي النصّ تحديده، سوى كونه فِي الحلق واللبّة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- نحر، وذبح، ومعلوم أن النحر والذبح فِي الحلق واللبّة، فالأولى قطع الأربعة: الحلقوم، والمريء، والودجين، ليحصل المطلوب بأتم وجه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "نَيَّبَ" بفتح النون، وتشديد الياء مَبْنيًا للفاعل: -أي علّق نابه فيها، وَجَرَحَها، وهي التي ذكرها الله عزّ وجلّ فِي قوله:{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} الآية [المائدة: ٣] قَالَ أبو عبد الله القرطبيّ رحمه الله تعالى عند تفسير هذه الآية ٦/ ٤٩ - ٥٠ - : يريد ما افترسه ذو ناب، وأظفار منْ الحيوان، كالأسد، والنمر، والثعلب، والذئب، ونحوها، هذه كلها سباعٌ، يقال: سَبَعَ فلان فلانًا: أي عضّه بسنّه، وسبعه: أي عابه، ووقع فيه، وفي الكلام إضمار: أي وما أكل منه السبع؛ لأن ما أكله السبع، فقد