دلّت على ما ذهب إليه الشافعيّ، وأن ما عداه لا مُستند له، من المرفوع، بل مجرّد التعويل على محض الرأي، أو ترجيح ما فعله الصحابيّ على فعله - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإذا جاء نهر اللَّه بطل نهر معقل. نعم لا ينتهض مجرّد الفعل دليلًا للوجوب، ولكن النزاع فيما هو الأولى والأحسن، ولا أولى، ولا أحسن من الكيفيّة التي فعلها المصطفى - صلى اللَّه عليه وسلم - انتهى (١).
وقال في "الروضة النديّة" ص -١٦٧ - : أقول: الثابت عنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه كان يقف مقابلًا لرأس الرجل، ولم يثبت عنه غير ذلك، وأما المرأة، فروي أنه كان يقوم مقابلًا لوسطها، وروي أنه كان يقوم مقابلًا لعجيزتها، ولا منافاة بين الروايتين، فالعجيزة يصدُق عليها أنها وسط، دمايثار ما ثبت عن رسول اللَّه عفَجِ عند أئمة الفنّ الذين هم المرجع لغيرهم واجب، ولم يقل أحد من أهل العلم بترجيح قول أحد من الصحابة، أو من غيرهم على قول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وفِعلِهِ، وهذا مما لا ينبغي أن يخفى انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- حسنٌ جدًّا.
وحاصله أن السنة قيام الإمام بحذاء رأس الرجل، ووسط المرأة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٧٤ - اجْتِمَاعُ جَنَازَةِ صَبِيٍّ وامْرَأَةٍ
١٩٧٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ, قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ, عَنْ عَمَّارٍ, قَالَ: حَضَرَتْ جَنَازَةُ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ, فَقُدِّمَ الصَّبِيُّ مِمَّا يَلِى الْقَوْمَ, وَوُضِعَتِ الْمَرْأَةُ وَرَاءَهُ, فَصَلَّى عَلَيْهِمَا, وَفِي الْقَوْمِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ, وَابْنُ عَبَّاسٍ, وَأَبُو قَتَادَةَ, وَأَبُو هُرَيْرَةَ, فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: السُّنَّةُ.
رجال هذا الإسناد: عشرة:
١ - (محمد بن عبد اللَّه بن يزيد) أبو يحيى المكيّ، ثقة [١٠] ١١/ ١١.
٢ - (أبوه) عبد اللَّه بن يزيد المقرىء، أبو عبد الرحمن المكيّ، ثقة فاضل [٩] ٤/ ٧٤٦.
٣ - (سعيد) بن أبي أيّوب الخزاعيّ مولاهم، أبو يحيى المصريّ، ثقة ثبت [٧] ٢٧/ ١٨٨٠.
(١) - "نيل الأوطار" ج ٤ ص ٨٢. "باب موقف الإمام من الرجل والمرأة".