(المسألة الثالثة): اختُلِف فِي المراد بِأُولي الأمر فِي الآية الكريمة، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قَالَ: هُم الأمراء، أخرجهُ الطَّبرِيّ بِإِسنادِ صحِيح، وأخرج عن ميمُون بن مِهران وغيره نَحْوه، وعن جابِر بن عبد الله، قَالَ: هُم أهل الْعِلْم، والْخَيْر. وعن مُجاهِد، وعطاء، والْحَسَن، وأبِي العالِية: هُم الْعُلَمَاء. ومن وجه آخر أصَحّ مِنْهُ عن مُجاهِد، قَالَ: هُمْ الصَّحَابة، وهذا أخَصّ. وعن عِكرِمة، قَالَ: أبُو بكر وعُمر، وهذا أخَصّ منْ الَّذِي قَبْله. ورجح الشافِعِي الأول، واحتج لهُ بِأن قُريشًا، كانُوا لا يعرِفُون الإمارة، ولا ينقادُون إِلى أمِير، فأُمِرُوا بِالطَّاعةِ لِمن ولِي الأمر، ولِذلِك قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ أطاع أمِيرِي، فقد أطاعنِي" مُتفق عَلَيْهِ. واختار الطَّبريُّ حملها عَلَى العُمُوم، وإن نزلت فِي سبب خَاص، واللهُ أعلمُ. ذكره فِي "الفتح"(١).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي رجحه ابن جرير رحمه الله تعالى منْ الحمل عَلَى العموم هو الأرجح عنديّ؛ لأن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"بحِير" بفتح الموحّدة، وكسر الحاء المهملة-: هو ابن سَعْد السَّحُوليّ الحمصي. و"أبو بحريّة": هو عبد الله بن قيس السَّكُونيّ الحمصيّ المخضرم المشهور.