للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢١٥ - (الإِيضَاعُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الإيضاع" بكسر الهمزة مصدر "أوضع رِكَابه": إذا حمله على الإسراع. و"وادي مُحَسِّر" -بضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وكسر السين المهملة المشدّدة، وبالراء-: موضع فاصل بين منى ومزدلفة، وليس من واحد منهما.

قال الأزرقيّ: "وادي محسّر" خمسمائة ذراع وخمس وأربعون ذراعًا (١) وسمّي بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه، أي أعيى، وكَلَّ عن السير، ومنه قوله تعالى: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: ٤] (٢).

وفي "المرعاة": اختلفوا في محسّر، فقيل: هو واد بين مزدلفة ومنى، قال ابن القيّم: ومُحَسِّر برزخٌ بين منى ومزدلفة، لا من هذه، ولا من هذه. وقيل: ما صبّ منه في المزدلفة فهو منها، وما صبّ منه في منى فهو منها، وصوّبه بعضهم. وقد جاء "ومزدلفة كلها موقف إلا بطن محسّر"، فيكون على هذا قد أطلق بطن محسّر، والمراد منه ما خرج من مزدلفة، وإطلاق اسم الكل على البعض جائز، مجازًا شائعًا. وقال الطحاويّ: ليس وادي محسّر من منى، ولا من المزدلفة، فالاستثناء في قوله: "إلا وادي محسّر" منقطع.

قال الطبريّ: سمي بذلك لأنه حسر فيه فيل أصحاب الفيل، أي أعيَى. وقيل: لأنه يحسُر سالكيه، ويُتعبهم، يقال: حَسَرتُ (٣) الناقةَ: أتعبتها، وأهل مكة يسمّون هذا الوادي وادي النار، يقال: إن رجلاً اصطاد فيه، فنزلت نار، فأحرقته. انتهى (٤). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٠٥٤ - (أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ, عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فقد


(١) - يبلغ الذراع واحدًا وخمسين سنتيمترًا تقريبًا، أي نحو مائتين وسبعين مترًا، وسبعة أمتار. وقد ذُكر أن الذراع يبلغ طوله ما بين الخمسين والسبعين سنتيمترا، وعلى هذا فيكون حوالي ستين سنتيمترا في المتوسط، أي نحو ثلاثمائة وعشرين مترًا وسبعة أمتار، تقريبًا. راجع هامش "المجموع" ٥/ ١٤٦.
(٢) - راجع "المجموع" ٥/ ١٤٦.
(٣) - من بابي قتل، وضرب.
(٤) - راجع "المرعاة" ٩/ ٣٧.