ولا يعكر عليه عطف آله وأزواجه وذرّيته عليه، فإنه لا يمتنع أن يُدْعَى لهم بالتعظيم، إذ تعظيم كلّ أحد بحسب ما يليق به.
وما تقدم عن أبي العالية أظهر؛ فإنه يحصل به استعمال لفظ الصلاة بالنسبة إلى الله، وإلى ملائكته، وإلى المؤمنين المأمورين بذلك بمعنى واحد، ويؤيده أنه لا اختلاف في جواز الترحم على غير الأنبياء، واختُلف في جواز الصلاة على غير الأنبياء، ولو كان معنى قولنا: اللَّهم صل على محمد: اللَّهم ارحم محمداً، أو ترحم على محمد لجاز لغير الأنبياء، وكذا لو كانت بمعنى البركة والرحمة لسقط الوجوب في التشهد عند من يوجبه بقول المصلي في التشهد:"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته".
ويمكن الانفصال بأن ذلك وقع بطريق التعبد، فلابد من الإتيان به ولو سبق الإتيان بما يدل عليه. انتهى ما في "الفتح".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حاصل ما تقدم أن أرجح الأقوال في معنى صلاة الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- قول من قال: إنه ثناء الله تعالى عليه في الملإ الأعلى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٤٩ - (بَابُ الأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)