قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: إنما ترجم المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بصيغة الاستفهام، ولم يبين جوابه؟ لكون المسألة مختلفًا فيها بين العلماء، فالجمهور يوجبون عليه الهدي، والشافعيّ يستحبّها، كما قال القرطبيّ، وحجة الجمهور حديث عقبة بن عامر - رضي اللَّه عنه - في قصّة أخته، المتقدّمة، ففيها:"مرها فلتركب، ولتختمر، ولتهد هديًا"، وفي رواية:"بدنةً"، قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وزيادة الهدي رواها عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مع عقبة بن عامر ابنُ عبّاس - رضي اللَّه عنهم -، ورواها عنهما الثقات، فلا سبيل إلى ردّها, وليس سكوت من سكت عنها حجة على من نطق بها، وقد عمل بها الجماهير من السلف وغيرهم. انتهى" (١).
لكن ظاهر صنيع المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- يرجح عدم الوجوب، حيث إنه أورد حديث أنس - رضي اللَّه عنه - في الرجل الذي أمره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يركب، ولم يأمره بالهدي، والذي قاله الجمهور أظهر؛ لحديث أخت عقبة - رضي اللَّه عنهما -، فالسكوت في هذا الحديث لا ينفي ثبوته في غيره. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.