٨٢ - مُوَارَاةُ الشهِيدِ فِي دَمِهِ
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بهذا عدم مشروعيّة غسل الشهيد، بل يُدفن بدون غسل، فـ "الموارة" مصدر وارى، يواري: إذا دفنه، و"في" بمعنى "مع". أي دفنه مع دمه.
وقد اختلف أهل العلم في غسل الشهيد، والأرجح أنه لا يغسل، حتى الجنب، والحائض، وروي عن سعيد بن المسيّب، والحسن البصريّ أن الشهيد يغسل، وقيل: يغسل الجنب، لما روي في قصّة حنظلة بن الراهب أن الملائكة غسلته يوم أحد، لما استشهد، وهو جنب، وقصّته مشهورة، رواها ابن إسحاق وغيره. وروى الطبرانيّ وغيره من حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - بإسناد لا بأس به عنه، قال: أصيب حمزة بن عبد المطلب، وحنظلة بن الراهب، وهما جنب، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "رأيت الملائكة تغسلهما"، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: غريب في ذكر حمزة.
وأجيب بأنه لو كان واجبًا ما اكتُفي فيه بغسل الملائكة، فدلّ على سقوطه عمن يتولّى أمر الشهيد. قاله في "الفتح".
والحاصل أن المذهب الصحيح أنه لا يشرع غسل الشهيد مطلقا، سواء كان جنبا، أو غير جنب؛ لحديث الباب، وغيره، وقد تقدّم البحث عن هذا مستوفًى في [٦١/ ١٩٥٤] فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
٢٠٠٢ - أَخْبَرَنَا هَنَّادٌ, عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, لِقَتْلَى أُحُدٍ: «زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ, فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ, يُكْلَمُ فِي اللَّهِ, إِلاَّ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى, لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ, وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ».
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (هنّاد) بن السرِيّ الكوفيّ الثقة الزاهد [١٠] ٢٣/ ٢٥.
٢ - (ابن المبارك) عبد اللَّه الإمام المشهور [٨] ٣٢/ ٣٦.
٣ - (معمر) بن راشد الصنعانيّ الثقة الثبت [٧] ١٠/ ١٠.
٤ - (الزهريّ) الإمام المشهور الحجة [٤] ١/ ١.
٥ - (عبد اللَّه بن ثعلبة) بن صُعَير، ويقال: ابن أبي صُعير، مسح رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وجهه، ورأسه زمن الفتح، ودعا له. روى عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وعن أبيه، وعمر، وعليّ، وسعد، وأبي هريرة، وجابر - رضي اللَّه عنهم -. وعنه الزهريّ، وسعد بن إبراهيم، وعبد اللَّه بن