للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٦ - (إِخْرَاجُ الزكاةِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ظاهر تبويب المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- يدلّ على أنه يرى جواز نقلها، وهو أيضًا ظاهر مذهب الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى-، كما يأتي بيانه، وهو الحقّ، لكن إذا كان نقلها لمصلحة راجحة، بأن لم يوجد هناك من يستحقّها، أو رأى الإمام، أو المزكّي نفسه ذلك أصلح، بأن كان المنقول إليهم أحوج من المنقول عنهم، أو كانوا أقرباء للمزكّي، أو نحو ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٢٥٢٢ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ, قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ -وَكَانَ ثِقَةً- عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ, عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, بَعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ, فَقَالَ: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا, أَهْلَ كِتَابٍ, فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ, فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ, فَأَعْلِمْهُمْ, أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- افْتَرَضَ (١) عَلَيْهِمْ, خَمْسَ صَلَوَاتٍ, فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ, فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ, فَأَعْلِمْهُمْ, أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-, قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ, صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ, تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ, فَتُوضَعُ فِي فُقَرَائِهِمْ, فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ, فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ, وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ, فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا, وَبَيْنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- حِجَابٌ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.

والحديث متفق عليه، وقد تقدّم سندًا ومتنًا في أول "كتاب الزكاة" -١/ ٢٤٣٥ - وتقدّم هناك شرحه مُستَوفًى، وكذا الكلام على مسائله، ولم يبق إلا الكلام على ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو حكم نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر، فأقول مستعينًا باللَّه تعالى:

(مسألة): في اختلاف أهل العلم في جواز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر:

ذهب الليث بن سعد، وأبو حنيفة، وأصحابهما، إلى جواز ذلك، ونقله ابن المنذر عن الشافعيّ، واختاره.

وذهب الجمهور، ومنهم الشافعيّة، والمالكية، والحنبلية، إلى عدم جواز نقلها، فلو خالف، ونقل أجزأ على الأصحّ عند المالكيّة، والحنبليّة، ولا يجزئ على الأصحّ عند


(١) - وفي نسخة: "قد افترض".