أي هذا باب ذكر الأحاديث الدّالة على اختلاف الرواة على أبي هريرة - رضي الله عنه - في إثبات سجدتي السهو، ونفيهما في قصّة ذي اليدين رضي الله تعالى عنه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه:
(اعلم): أن إثبات السجدتين في حديث أبي هريرة في قصّة ذي اليدين - رضي الله عنهما - هو الذي عليه جمهور الرّواة عنه، وأما نفيهما ففي رواية الزهري.
ثم إن الزهريّ رحمه الله تعالى اختلفوا عليه، فمنهم من روى عنه النفيَ بالجزم، كما في رواية الأوزاعيّ عنه، فقال في آخر الحديث. "ولم يسجد سجدتي السهو حين يقّنه الناس"، رواه ابن خزيمة في "صحيحه" جـ ٢ ص ١٢٤.
ومنهم من روَى عنه نفي العلم، كما في رواية يونس بن يزيد عنه، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله، كلهم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بحديث ذي اليدين، وسماه ذا الشمالين، وفي آخره:"قال الزهري: ولم يحدثني أحد منهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتين، وهو جالس في تلك الصلاة، وذلك فيما نُرى -والله أعلم - من أجل أن الناس يقّنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استيقن. رواه ابن خزيمة أيضًا جـ ٢ ص ٥٢.
قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب "التمييز" له: قول ابن شهاب: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما سجد يوم ذي اليدين سجدتي السهو خطأ وغلط، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد سجدتي السهو ذلك اليوم من أحاديث الثقات، كابن سيرين وغيره. انتهى.
وقال الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى: لا أعلم أحدًا من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عوّل على حديث ابن شهاب في قصّة ذي اليدين، وكلهم تركوه لاضطرابه فيه، وأنه لم يُقمه إسنادًا ولا متنًا، وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه أحد، والكمال ليس لمخلوق. انتهى.
وقال الحافظ أبو بكر بن خُزيمة رحمه الله تعالى: إن قوله: "ولم يسجد سجدتي السهو حين يقّنه الناس" مدرج من كلام الزهري رحمه الله تعالى.
وعبارته في "صحيحه" جـ ٢ ص ١٢٣ - ١٢٨: [باب ذكر خبر رُوي في قصة ذي اليدين، أُدرجَ لفظة الزهري في متن الحديث، فتوهّم من لم يتبحّر في العلم، ولم يكتب