قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الصُّفْرة" -بضمّ الصاد المهملة، وسكون الفاء-: لونٌ دون العمرة، ويطلق على الأسود أيضًا. والمراد به هنا صفرة الْخَلُوق، و"الْخَلُوق" -بفتح الخاء المعجمة، وضم اللام، آخره قاف، وِزان رَسُولٍ-: ما يُتخلّقُ به من الطيب، قال بعض الفقهاء: وهو مائعٌ فيه صُفْرةٌ، والْخِلاقُ، مثلُ كتاب بمعناه. قاله الفيّوميّ. وقال في "الفتح"؛ طيبٌ يُصنَع من زعفران وغيره (١).
ثم إن المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- استَدَلّ بحديث الباب على جواز استعمال الصُّفرة عند الزواج، وهذا أحد الأجوبة في الجمع بين حديث الباب، وحديث النهي عن التزعفر للرجال الآتي في "كتاب الزينة" في باب "التزعفر" برقم ٧٣/ ٥٢٥٧ و ٥٢٥٨ - إن شاء اللَّه تعالى، ولكن الأقرب من هذا أن يقال: إن الصفرة التي بعبد الرحمن إنما هي من جهة زوجته، لا بقصد منه، فلا تنافي بينه وبين حديث النهي عن التزعفر للرجال، فهذا هو الأرجح عندي، على ما سيأتي قريبًا.
قال في "الفتح": واستدلّ بحديث الباب على جواز التزعفر للعروس، وخُصّ به عموم النهي عن التزعفر للرجال، كما سيأتي بيانه في "كتاب اللباس".
وتُعقّب باحتمال أن تكون تلك الصفرة، كانت في ثيابه، دون جسده. وهذا الجواب للمالكيّة على طريقتهم في جوازه في الثوب، دون البدن، وقد نَقَلَ ذلك مالكٌ عن علماء المدينة، وفيه حديث أبي موسى:"لا يقبل اللَّه صلاة رجل في جسده شيء من خَلُوق"، أخرجه أبو داود. فإن مفهومه أن ما عدا الجسد لا يتناوله الوعيد.
ومنع من ذلك أبو حنيفة، والشافعيّ، ومن تبعهما في الثوب أيضًا، وتمسّكوا بالأحاديث في ذلك، وهي صحيحة، وفيها ما هو صريحٌ في المدّعَى، كما سيأتي بيانه،