ومحل الاستدلال منه قوله: "المطلّقة ثلاثًا الخ"؛ ووجهه أنه يعمّ تطليقها ثلاثًا مجموعة، ومفرّقة، فيفيد جواز جمع الطلاق الثلاث، لكن الحقّ أن هذه الرواية مختصرة، من رواياتها الأخرى المطوّلة؛ لأنها قصّة واحدة، وقد تقدّم أنه ليس فيها جمع الثلاث، وإنما فيها إيقاعها متفرّقة، فلا يتمّ الاستدلال به لغرض المصنّف. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٤٣٣ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ, عَنْ أَبِي عَمْرٍو -وَهُوَ الأَوْزَاعِيُّ- قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ, قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ, أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيَّ, طَلَّقَهَا ثَلَاثًا, فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ, فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ, إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ, إِنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ, طَلَّقَ فَاطِمَةَ ثَلَاثًا, فَهَلْ لَهَا نَفَقَةٌ؟ فَقَالَ: «لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ, وَلَا سُكْنَى»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "بقية": هو ابن الوليد. و"يحيى": هو ابن أبي كثير. و"أبو سلمة": هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وقوله: "فانطلق خالد بن الوليد الخ"، إنما ذهب خالد - رضي اللَّه عنه - في قضيّتها؛ لكونه من عشيرتها. واللَّه تعالى أعلم.
والحديث أخرجه مسلم، وقد سبق الكلام عليه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه
أنيب".
…
٨ - (بَابُ طَلَاقِ الثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذه الترجمة تقييد حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - الذي أورده هنا، فإنه بإطلاقه يشمل المدخول بها وغير المدخول بها، فأراد أن يُبَيّن أن المراد به غير المدخول بها، وذلك لأنه وقع تقييده بها في بعض الطرق، فقد رواه أبو داود، في "سننه"، من طريق أبي النعمان -محمد بن الفضل عارم- عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن غير واحد، عن طاوس، أن