للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجلاً يقال له: أبو الصَّهْباء، كان كثير السؤال لابن عباس، قال: أما علمت أن الرجل، كان إذا طلّق امرأته ثلاثا، قبل أن يدخل بها، جعلوها واحدة، على عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأبي بكر، وصدرا من إمارة عمر؟، قال ابن عباس: بلى، كان الرجل إذا طلّق امرأته ثلاثا، قبل أن يدخل بها، جعلوها واحدة، على عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأبي بكر، وصدرا من إمارة عمر، فلما رأى الناس، قد تتابعوا فيها، قال: أجيزوهن عليهم.

لكن هذه الرواية ضعيفة؛ لجهالة شيوخ أيوب، فلا تصلح لهذا التأويل الذي أراده المصنّف، فليُتأمّل.

وقال السنديّ في "شرحه": لما كان الجمهور من السلف والخلف على وقوع الثلاث دفعة، وقد جاء في حديث رُكانة -بضمّ الراء- أنه طلّق امرأته البتّة، فقال له النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما أردت إلا واحدة"، فقال: ما أردت إلا واحدة، فهذا يدلّ على أنه لو أراد الثلاث لوقعت، وإلا لم يكن لتحليفه معنى، وهذا الحديث بظاهره يدلّ على عدم وقوع الثلاث دفعةً، بل تقع واحدةً، أشار المصنّف في الترجمة إلى تأويله بأن يُحمل الثلاث في الحديث على الثلاث المتفرّقة لغير المدخول بها، وإذا طلّق غير المدخول بها ثلاثًا متفرّقة تقع الأولى، وتلغو الثانية والثالثة؛ لعدم مصادفتهما المحلّ، فهذا معنى كون الثلاث تُردّ إلى الواحدة، وعلى هذا المعنى اندفع الإشكال عن الجمهور، وحصل التوفيق بين هذا الحديث، وبين ما يقتضي وقوع الثلاث من الأدلّة، وهذا محمل دقيقٌ لهذا الحديث، إلا أنه لا يوافق ما جاء في هذا الحديث أنّ عمر - رضي اللَّه عنه - بعد ذلك أمضى الثلاث، إذ هو ما أمضى الثلاث المتفرّقة لغير المدخول بها، بل أمضى الثلاث دفعة للمدخول بها، وغير المدخول بها، فليُتأمّل، فالوجه في الجواب أنه منسوخ، وقد قرّرناه في "حاشية مسلم"، و"حاشية أبي داود". واللَّه تعالى أعلم انتهى كلام السنديّ (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد عرفت فيما سبق أن دعوى النسخ غير صحيحة، إذ لا دليل عليه.

والحاصل أن تأويل المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- لحديث الباب بما ذكره في هذه الترجمة فيه نظرٌ لا يخفى، فالحقّ أن الحديث على ظاهره، فإذا طلّق الرجل امرأته المدخول بها ثلاثًا مجموعة تُحتسب واحدةً. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٤٣٤ - (أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ, سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ, عَنِ ابْنِ


(١) "شرح السنديّ" ٦/ ١٤٥ - ١٤٦.