للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "ما على الأرض يمين" المراد باليمين هنا: المحلوف عليه مجازًا. وقوله: "إلا أتيته" أي فعلت الخيرَ، وتركتُ المحلوف عليه. وتمام شرح الحديث، ومسائله تأتي مستوفاةً في الحديث الآتي في الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".

١٥ - (الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الْحِنْث" -بكسر الحاء المهملة، وسكون النون، آخره شاء مثلّثة-: نقض اليمين، والنكْثُ فيها، يقال: حَنِث في يمينه يَحْنَثُ، من باب عَلِمَ، وكأنه من الْحِنث: أي الإثم، والمعصية. أفاده في "النهاية" (١).

وقال في "القاموس": الْحِنْثُ -بالكسر-: الإثم، والحلف في اليمين، والمَيْلُ من باطل إلى حقّ، وعكسه، وقد حَنِثَ كعَلِمَ، وأحنثتُهُ أنا. انتهى.

وقال الفيّوميّ: حَنِثَ في يمينه يَحنَثُ حِنْثًا: إذا لم يَفِ بموجبها، فهو حانثٌ، وحَنَّثْته: جعلتُهُ حانثًا، والحِنثُ: الذنب، وتحنث: إذا فعل ما يخرُج به من الْحِنثِ. قال ابن فارس: والتحتّثُ: التعبّد، ومنه كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يتحنّث في غار حراء. انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٨٠٧ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ, نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ"، ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأُتِيَ بِإِبِلٍ, فَأَمَرَ لَنَا بِثَلَاثِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا, قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: لَا يُبَارِكُ اللَّهُ لَنَا، أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, نَسْتَحْمِلُهُ, فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، قَالَ أَبُو مُوسَى: فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ: "مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ, بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ, لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ, فَأَرَى غَيْرَهَا, خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي, وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ").


(١) "النهاية" ١/ ٤٤٩.