ودلالته على الترجمة واضحة، حيث إنه يدلّ على إجزاء صاع من السّلت في صدقة الفطر، إلا أن الظاهر أن زيادة "السلت" في الحديث لا تصح، كما نبهت عليه آنفًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٤٢ - (الشَّعِيرُ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الشَّعِير" -بالفتح-: جنس من الحبوب معروفٌ، واحدته شَعيرةٌ، وبائعه شَعِيريٌّ. قال سيبويه: وليس مما بُني على فاعل، ولا فَعّالٍ، كما يغلب في هذا النحو، وأما قول بعضهم: شِعِيرٌ، وبعِيرٌ، ورِغِيفٌ، وما أشبه ذلك -أي بكسر أوله، وثانيه- لتقريب الصوت من الصوت، فَلا يكون هذا إلا مع حروف الحلق. ذكره في "اللسان".
وفي "المصباح": الشَّعِير: حَبّ معروفٌ، قال الزّجّاج: أهل نجد تؤنّثه، وغيرهم يُذكّره، فيقال: هي الشعير، وهو الشعير انتهى.
فأفاد ما تقدّم عن سيبويه أن الشَّعِير بفتح أوّله، وكسر ثانيه، ويجوز كسر أوله أيضًا تبعًا لحركة العين، وهكذا كلّ ما أتي على فَعِيل، وكان عينه حرف حلق، كبَعِير، ورَغِيفٍ، ونحو ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
٢٥١٧ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عِيَاضٌ, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, قَالَ: "كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ, أَوْ تَمْرٍ, أَوْ زَبِيبٍ, أَوْ أَقِطٍ, فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ, حَتَّى كَانَ فِي عَهْدِ مُعَاوِيَةَ, قَالَ: مَا أَرَى مُدَّيْنِ, مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ, إِلاَّ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ").
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح و"عمرو": هو الفلّاس. و"يحيى": هو القطّان.
وقوله: "من سمراء الشام" أي الْقَمْح الشاميّ. قيل: هو الحنطة الجيّدة المعروفة بالشام بالجبليّ.
والحديث صحيح، تقدم الكلام عليه في ٣٧/ ٢٥١١، ودلالته على الترجمة واضحة، حيث إنه يدلّ على أن إخراج صاع من الشعير في صدقة الفطر مجزىء. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلت، وإليه أنيب".