وقال في "الفتح": والصوم، والصيام في اللغة: الإمساك، وفي الشرع: إمساك مخصوص، في زمن مخصوص، عن شيء مخصوص، بشرائط مخصوصة. انتهى. وقال النووي: إمساك مخصوص، في زمن مخصوص، من شخص مخصوص بشرطه انتهى.
وقال الراغب الأصفهاني: الصوم في الأصل: الإمساك عن الفعل، مَطعمًا كان، أو كلامًا، أو مشيًا؛ ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير، أو العلف: صائم. وقيل للريح الراكدة: صوم، ولاستواء النهار: صوم؛ تصوّرًا لوقوف الشمس في كبد السماء، ولذلك قيل: قام قائم الظهيرة، ومَصَامُ الفرس، ومَصَامَتُهُ: موقفه. والصوم في الشرع: إمساك المكلّف بالنية من الخيط الأبيض، إلى الخيط الأسود عن تناول الأطيبين، والاستمناء، والاستقاء انتهى (١).
قال اليبيّ: فهو وصف سلبيّ، وإطلاق العمل عليه تجوّز. وقيل: هو إمساك عن المفطرات حقيقةً، أو حكمًا، في وقت مخصوص، من شخص مخصوص مع النيّة.
وقال الأمير الصنعانيّ: الصوم في الشرع إمساك مخصوص، وهو الإمساك عن الأكل والشرب، والجماع، وغيرهما، مما ورد به الشرع، في النهار، على الوجه المشروع، ويتبع ذلك الإمساك عن اللغو، والرفّث، وغيرهما، من الكلام المحرّم، والمكروه؛ لورود الأحاديث بالنهي عنها في الصوم، زيادة على غيره، في وقت مخصوص، بشروط مخصوصة، تفصّلها الأحاديث انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه التعاريف كلها متقاربة المعنى، وأخصرها، أنه إمساك مخصوص، من شخص مخصوص، في زمن مخصوص، عن شيء مخصوص بشرائطه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
…
١ - (بَابُ وُجُوبِ الصِّيَامِ)
أي هذا باب في ذكر الأحاديث الدّالّة على فرضية الصوم، فالوجوب هنا معناه: الفرض، والحنفية، وإن خالفوا الجمهور، ففرقوا بينهما في بعض المواضع، فقالوا: الفرض ما ثبت بدليل قطعيّ، والواجب ما ثبت بدليل ظنّيّ، إلا أنهم لا يخالفون هنا، فتنبّه.
[تنبيهات]:
(الأول): قال أبو محمد ابن قدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وجوب صوم رمضان بالكتاب، والسنة، والإجماع؛ أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ