للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللغة، وبه جزم الترمذيّ: هو بيع ولد نتاج الدابة، والمنع فِي هَذَا منْ جهة أنه بيع معدوم، ومجهول، وغير مقدور عَلَى تسليمه، فيدخل فِي بيوع الغرر، ولذلك صَدَّر البخاريّ بذكر الغرر، فِي الترجمة، حيث قَالَ: "باب بيع الغرر، وحَبَل الْحَبَلَة"، لكنه أشار إلى التفسير الأول، بإيراد الْحَدِيث فِي كتاب "السلم" أيضا، ورجح الأول؛ لكونه موافقا للحديث، وإن كَانَ كلام أهل اللغة، موافقا للثانى، لكن قد رَوَى الإِمام أحمد، منْ طريق ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ما يوافق الثاني، ولفظه: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عن بيع الغرر، قَالَ: إن أهل الجاهلية، كانوا يتبايعون ذلك البيع، يبتاع الرجل بالشارف، حبل الحبلة، فنهوا عن ذلك".

وَقَالَ ابن التين: مُحَصَّل الخلاف، هل المراد البيع إلى أجل، أو بيع الجنين، وعلى الأول، هل المراد بالأجل ولادة الأم، أو ولادة ولدها، وعلى الثاني، هل المراد ببيع الجنين الأول، أو بيع جنين الجنين، فصارت أربعة أقوال. انتهى.

وحَكَى صاحب "المحكم" قولا آخر: إنه بيع ما فِي بطون الأنعام، وهو أيضا منْ بيوع الغرر، لكن هَذَا إنما فَسَّر به سعيدُ بنُ المسيب، كما رواه مالك فِي "الموطإ" بيعَ المضامين، وفسر به غيره بيعَ الملاقيح، واتفقت هذه الأقوال عَلَى اختلافها، عَلَى أن المراد بالحبلة جمع حابل، أو حابلة، منْ الحيوان، إلا ما حكاه صاحب "المحكم" وغيره عن ابن كيسان أن المراد بالْحَبلة: الكَرْمَة، وأن النهي عن بيع حَبلها: أي حملها قبل أن تبلغ، كما نُهِيَ عن بيع ثمر النخلة، قبل أن تُزْهِي، وعلى هَذَا، فالْحَبْلَة بإسكان الموحدة، وهو خلاف ما ثبتت به الروايات، لكن حُكِي فِي الْكَرْمَة فتح الباء.

وادّعَى السهيلي تفرد ابن كيسان به، وليس كذلك، فقد حكاه ابن السَّكِّيت فِي "كتاب الألفاظ"، ونقله القرطبيّ فِي "المفهم" عن أبي العبّاس المبرد، والهاء عَلَى هَذَا للمبالغة، وجها واحدًا. قاله فِي "الفتح" ٥/ ٩٣ - ٩٤. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٦٩ - (بَيْعُ السِّنِينَ)

٤٦٢٨ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ،