للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها: ما بوّب له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو بيان حكم الصلاة على من يَحِيف في وصيّته، وقد تبيّن حكمه من الحديث الذي أورده في الباب، وهو أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - همّ بترك الصلاة عليه، فدلّ على جواز ترك الإمام الصلاةَ عليه، زجرًا لغيره أن لا يفعل مثل فعله، وأما أصل الصلاة على من ارتكب ذنبًا، فقد تقدم الكلام عليه، واختلاف مذاهب أهل العلم فيه في "باب ترك الصلاة على المرجوم"، فراجعها تستفد.

ومنها: تحريم الحيف في الوصية. ومنها: أن العتق في مرض الموت جائز، وأنه يعتبر من الثلث.

قال الحافظ ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه دليل على أن أفعال المريض كلها، من عتق، وهبة، وعطيّة كالوصيّة، لا يجوز فيها أكثر من الثلث، وقد خالف في ذلك قوم، زعموا أن أفعال المريض في رأس ماله، كأفعال الصحيح، ولم يجعلوا ذلك كالوصايا (ومنها): أن القرعة مشروعة في الشرع، خلافا لمن نفى ذلك، وهو قول ضعيف جدًّا. كما تقدّم. ومنها: إبطال السعاية التي زعمها أهل الكوفة، كما تقدّم. ومنها: ما قاله ابن عبد البرّ أيضًا: فيه دليل على أن الوصيّة لغير الوالدين والأقربين جائزة، لأن عتق العبيد في المرض وصيّة لهم، ومعلوم أنهم لم يكونوا والدين للمعتق لهم، ولا بالأقربين له، وقد قال طائفة من التابعين: إن الوصيّة لا تجوز إلا للأقربين غير الوارثين. انتهى كلامه بتصرّف (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٦٦ - الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ غَلَّ

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرضه بهذه الترجمة بيان مشروعيّة الصلاة على الغالّ، ووجه استدلاله بحديث الباب، أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "صلّوا على صاحبكم"، فإنه يدلّ على أن الغال إذا مات ممن تُشرَع الصلاة عليه، وأما تركه - صلى اللَّه عليه وسلم - الصلاة عليه، فمن باب الزجر لغيره.

هذا كلّه على تقدير صحّة حديث الباب، وستعلم الكلام عليه قريبًا، واللَّه تعالى أعلم.


(١) - المصدر المذكور.