الكفن من رأس المال، وهو قوله: "وكفّنوه في ثوبيه " انتهى كلام ابن المنذر --رَحِمَهُ اللَّهُ- تَعَالَى- (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن المنذر --رَحِمَهُ اللَّهُ- تَعَالَى- حسنٌ جدًّا. وحاصله أن الكفن من جميع المال، وأنه مقدّم على الدين والوصية، لأن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - نصّ على تكفين مصعب بتلك النمرة، ولم يستفصل، هل عليه دين، أو وصية، أم لا؟ وكذلك في قصّة المحرم، كما سيأتي، إن شاء اللَّه تعالى، وقد ثبت عن الإمام الشافعي --رَحِمَهُ اللَّهُ- تَعَالَى- مقالته المشهورة وهي، قاعدةٌ مسلّمة لَدَى المحقّقين في باب الاستدلال، وهي: "تركُ الاستفصال، في حكاية الحال، مع يّام الاحتمال، ينزّل منزلة العموم في المقال". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب"
…
٤١ - كَيْفَ يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ إِذَا مَاتَ
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وهكذا ترجم الإمام البخاريّ --رَحِمَهُ اللَّهُ- تَعَالَى-، فقال ابن المنيّر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تضمّنت الترجمة الاستفهام عن الكيفية، مع أنها مبيّنة، لكنها لما كانت تحتمل أن تكون خاصة بذلك الرجل، وأن تكون عامة لكلّ محرم آثر المصنّف الاستفهام انتهى.
قال الحافظ --رَحِمَهُ اللَّهُ- تَعَالَى-: والذي يظهر لي أن المراد بقوله: "كيف يُكفّن" أي كيفية التكفين، ولم يرد الاستفهام، وكيف يُظنّ به أنه متردد فيه، وقد جزم قبل ذلك بأنه عامّ في حقّ كلّ أحد، حيث ترجم بجواز التكفين في ثوبين؟ انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله الحافظ --رَحِمَهُ اللَّهُ- تَعَالَى- حسنٌ جدًّا.
وحاصله أن مقصود الترجمة الإشارة إلى أن الحديث المذكور تحتها فيه بيان كيفية تكفين المحرم إذا مات في حال إحرامه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
١٩٠٤ - أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ نَافِعٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «اغْسِلُوا الْمُحْرِمَ فِي ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ فِيهِمَا, وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ, وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ, وَلَا تُمِسُّوهُ بِطِيبٍ,
(١) - "الأوسط" ج ٥ ص ٣٦٢ - ٣٦٣.