قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: إنما خصّ المصنّف رحمه الله تعالى لبس السيراء، وإن كَانَ لبس الحرير مطلقاً جائزًا للنساء؛ لمقابلة الباب الماضي، حيث إنه خاصّ بالسيراء.
وَقَدْ ترجم الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" بأعم منْ هَذَا، فَقَالَ:"باب الحرير للنساء"، ثم ساق تحته حديث عليّ، وأنس رضي الله تعالى عنهما، المذكورين فِي الباب، وحديث عمر -رضي الله عنه- المذكور فِي الباب الماضي.
قَالَ فِي "الفتح": قوله: "باب الحرير للنساء"، كأنه لم يثبت عنده الحديثان المشهوران، فِي تخصيص النهي بالرجال صريحا، فاكتفى بما يدلّ عَلَى ذلك، وَقَدْ أخرج أحمد، وأصحاب السنن، وصححه ابن حبّان، والحاكم، منْ حديث عليّ -رضي الله عنه-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أخذ حريرا وذهبا، فَقَالَ:"هذان حرامان عَلَى ذكور أمتي، حِلٌّ لإناثهم"، وأخرج أبو داود، والنسائي، وصححه الترمذيّ، والحاكم، منْ حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-، وأعله ابن حبّان وغيره بالانقطاع، وأن راويه سعيد بن أبي هند، لم يسمع منْ أبي موسى -رضي الله عنه-، وأخرج أحمد، والطحاوي، وصححه، منْ حديث مَسْلَمَة بن مُخَلَّد، أنه قَالَ لعقبة ابن عامر رضي الله تعالى عنهما: قم فحدث بما سمعت منْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: سمعته يقول: "الذهب والحرير حرام عَلَى ذكور أمتي، حِلٌّ لإناثهم".
قَالَ الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: إن قلنا: إن تخصيص النهي للرجال لحكمة، فالذي يظهر أنه سبحانه وتعالى، علم قِلَّة صبرهن عن التزين، فلطف بهن فِي إباحته،