للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه

أنيب".

٤٥ - (بَابُ نَفْيِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ، وَإِلْحَاقِهِ بِأُمِّهِ)

٣٥٠٤ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: "لَاعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ, وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا, وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالأُمِّ").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وهو من رباعيات المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو (١٨٠) من رباعيات الكتاب، وهو أصحّ الأسانيد مطلقًا، على ما نُقل عن الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى-، وهو المعروف بسلسلة الذهب، روى الخطيب بسنده، عن يحيى بن بكير، أنه قال لأبي زرعة الرازيّ: يا أبا زرعة ليس ذا زَعْزَعَةٍ عن زَوْبَعَة (١)، إنما ترفع الستر، فتنظر إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، والصحابة: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر" (٢).

وقوله: "لاعن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الخ" ولفظ البخاريّ: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لاعن بين رجل وامرأته، فانتفى من ولدها، ففرّق بينهما، وألحق الولد بالمرأة". وقوله: "فانتفى الخ" قال الطيبيّ: الفاء سببيّة، أي الملاعنة سبب الانتفاء. قال الحافظ: فإن أراد أن الملاعنة سبب ثبوت الانتفاء، فجيّد، وإن أراد أن الملاعنة سبب وجود الانتفاء، فليس كذلك، فإنه إن لم يتعرّض لنفي الولد في الملاعنة لم ينتف، والحديث في "الموطّإ" بلفظ: "وانتفى" بالواو، لا بالفاء. وذكر ابن عبد البرّ أن بعض الرواة عن مالك ذكره بلفظ: "وانتقل" يعني بقاف بدل الفاء، ولام آخره، وكأنه تصحيف، وإن كان محفوظًا، فمعناه قريبٌ من الأول. وعند البخاريّ في "التفسير" من وجه آخر عن نافع بلفظ: "أن رجلاً رمى امرأته، وانتفى من ولدها، فأمرهما النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فتلاعنا"، فوضح أن الانتفاء سبب الملاعنة، لا العكس.


(١) "الزَّعْزَعَة": تحريك الريح الشجرة ونحوها، وكل تحربك شدبد. و"الزبعة" هي الإعصار التي ترفع التراب في الجوّ، وتستدير كأنها عمود.
(٢) راجع "تدريب الراوي" للسيوطيّ ج ١/ ٧٨.