للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واستُدِلَّ بهذا الحديث على مشروعيّة اللعان لنفي الولد، وعن أحمد ينتفي الولد بمجرّد اللعان، ولو لم يتعرّض الرجل لذكره في اللعان. وفيه نظر؛ لأنه لو استلحقه لحقه، وإنما يؤثر لعان الرجل دفع حدّ القذف عنه، وثبوت زنا المرأة، ثم يرتفع عنها الحدّ بالتعانها. وقال الشافعيّ: إن نفى الولد في الملاعنة انتفى، وإن لم يتعرّض له، فله أن يعيد اللعان لانتفائه، ولا إعادة على المرأة، وإن أمكنه الرفع إلى الحاكم، فأخّر بغير عذر حتى ولدت، لم يكن له أن ينفيه كما في الشفعة. واستدلّ به على أنه لا يُشترط في نفي الحمل تصريحُ الرجل بانها ولدت من زنا، ولا أنه استبرأها بحيضة، وعن المالكيّة يُشترط ذلك. واحتجّ بعض من خالفهم بأنه نفى الحمل عنه من غير أن يتعرّض لذلك، بخلاف اللعان الناشىء عن قذفها. واحتجّ الشافعيّ بأن الحامل قد تحيض، فلا معنى لاشتراط الاستبراء. قال ابن العربيّ: ليس عن هذا جواب مقنع (١).

وقوله: "وفرّق بينهما، وألحق الولد بالأمّ" ولفظ البخاريّ: "ففرّق بينهما، وألحق الولد بالمرأة". قال الدارقطنيّ: تفرّد مالكٌ بهذه الزيادة، قال: ابن عبد البرّ: ذكروا أن مالكًا تفرّد بهذه اللفظة في حديث ابن عمر، وقد جاءت من أوجه أخرى في حديث سهل بن سعد، كما تقدّم من رواية يونس، عن الزهريّ، عند أبي داود بلفظ: "ثم خرجت حاملاً، فكان الولد إلى أمه". ومن رواية الأوزاعيّ، عن الزهريّ: "وكان الولد يُدعى إلى أمه".

ومعنى قوله: "وألحق الولد بأمه": أي صيّره لها وحدها، ونفاه عن الزوج، فلا توارث بينهما، وأما أمّه فترث منه ما فرض اللَّه لها، كما وقع صريحًا ففي حديث سهل ابن سعد: "وكان ابنها يُدعَى لأمه، ثم جرت السنّة في ميراثها أنها ترثه، ويرث منها ما فرض اللَّه لها".

وقيل: معنى إلحاقه بأمه أنه صيّرها له أبًا وأمًّا، فترث جميع ماله، إذا لم يكن له وارث آخر من ولد ونحوه. وهو قول ابن مسعود، وواثلة بن الأسقع، وطائفة، ورواية عن أحمد. وروي أيضًا عن ابن القاسم، وعنه: معناه أن عصبة أمه تصير عصبة له، وهو قول عليّ، وابن عمر، وعطاء، والمشهور عن أحمد. وقيل: ترثه أمه وإخوته منها بالفرض والردّ، وهو قول أبي عبيد، ومحمد بن الحسن، ورواية عن أحمد، قال: فإن لم يرثه ذو فرض بحال، فعصبته عصبة أمه.

واستدلّ به على أن الولد المنفيّ باللعان لو كان بنتًا حلّ للملاعن نكاحها، وهو وجه


(١) "فتح" ١٠/ ٥٧٧.