للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شريح، والشعبي، والنخعي: متى أفلس، أو مات رجع عَلَى صاحبه. وَقَالَ أبو حنيفة: يرجع عليه فِي حالين: إذا مات المحال عليه مفلسا، وإذا جحده، وحلف عليه عند الحاكم. وَقَالَ أبو يوسف ومحمد: يرجع عليه فِي هاتين الحالتين، وإذا حُجر عليه لفلس؛ لأنه رُوي عن عثمان أنه سئل عن رجل أحيل، فمات المحال عليه مفلسا يرجع بحقه، لا توى عَلَى مال امرئ مسلم، ولأنه عقد معاوضة، لم يسلم العوض فيه لأحد المتعاوضين، فكان له الفسخ، كما لو اعتاض بثوب فلم يسلم إليه.

قَالَ: ولنا إن حَزْنًا جد سعيد بن المسيب، كَانَ له عَلَى علي رضي الله عنه دين، فأحاله به، فمات المحال عليه، فأخبره، فَقَالَ: اخترت علينا أبعدك الله، فأبعده بمجرد احتياله، ولم يخبره أن له الرجوع، ولأنها براءة منْ دين، ليس فيها قبض ممن عليه، ولا ممن يدفع عنه، فلم يكن فيها رجوع، كما لو برأه منْ الدين، وحديث عثمان لم يصح، يرويه خالد بن جعفر، عن معاوية بن قرة، عن عثمان، ولم يصح سماعه منه، وَقَدْ روي أنه قَالَ فِي حوالة، أو كفالة، وهذا يوجب التوقف، ولا يصح، ولو صح كَانَ قول علي مخالفا له. وقولهم: إنه معاوضة، لا يصح؛ لأنه يفضي إلى بيع الدين بالدين، وهو منهي عنه، ويفارق المعاوضة بالثوب؛ لأَنَّ فِي ذلك قبضا يقف استقرار العقد عليه، وهاهنا الحوالة بمنزلة القبض، وإلا كَانَ بيع دين بدين. انتهى "المغني" ٧/ ٦٠/ ٦١.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه عامّة الفقهاء، وهو أن المحيل يبرأ بالحوالة، إذا وُجدت الشروط المذكورة سابقًا هو الأرجح؛ لظهور أدلّته، كما سبق. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

١٠٢ - (الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "الكفالة" بالفتح: اسم منْ كَفَلتُ بالمال والنفس كَفْلاً، منْ باب قتل، وكُفُولاً أيضًا. وحكى أبو زيد سماعًا منْ العرب منْ بابي تَعِبَ، وقَرُبَ. وحكى ابن القطّاع: كفلته، وكفلت به، وعنه: إذا تحمّلت به، ويتعدّ إلى مفعول ثان بالتضعيف، والهمزة، فتَحذِف الحرف فيهما، وَقَدْ ثبت مع المثقّل، قَالَ ابن الأنباريّ: تكفّلتُ بالمال: التزمت به، وألزمته نفسي، وَقَالَ أبو زيد: تحملت به.