للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ فِي "المجمع": كفَلت به كفالةً، وكفلت عنه بالمال لغريمه، ففرَق بينهما، وكفلت الرجل، والصغير, منْ باب قتل كفالةً أيضًا: عُلْتُهُ، وقمتُ به، ويتعدّى بالتضعيف إلى مفعول ثانٍ، فيقال: كفلتُ زيدًا الصغيرَ، والفاعل منْ كفالة المال كفيلٌ به للرجل والمرأة، وَقَالَ ابن الأعرابيّ: وكافل أيضًا، مثلُ ضَمِين، وضامنٍ. وفَرَقَ الليث بينهما، فَقَالَ: الكفيلُ: الضامن، والكافل: هو الذي يَعُول إنسانًا، ويُنفق عليه. انتهى. "المصباح المنير" ٢/ ٥٣٦.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الكَفِيل، والضَمِين، والقَبِيل، والحَمِيل، والزَعِيم، والصَبِير، كلها بمعنى واحد.

قَالَ فِي "المغني": الضمان: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه، فِي التزام الحق، فيثبت فِي ذمتهما جميعا، ولصاحب الحق مطالبة منْ شاء منهما، واشتقاقه منْ الضم، وَقَالَ القاضي: هو مشتق منْ الضمين؛ لأن ذمة الضامن تتضمن الحق.

والأصل فِي جوازه الكتاب، والسنة، والإجماع: أما الكتاب، فقول الله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢]، وَقَالَ ابن عباس: الزعيم الكفيل، وأما السنة فما رُوي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه قَالَ: "الزعيم غارم"، رواه أبو داود، والترمذي، وَقَالَ حديث حسن، وروى البخاريّ منْ حديث سلمة بن الأكوع، رضي الله تعالى عنه، قَالَ: كنا جلوسا عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، إذ أُتي بجنازة، فقالوا: صَلِّ عليها، فَقَالَ: "هل عليه دين؟ "، قالوا: لا، قَالَ: "فهل ترك شيئا؟ "، قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله، صل عليها، قَالَ: "هل عليه دين؟ " قيل: نعم، قَالَ: "فهل ترك شيئا؟ " قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها، ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صل عليها، قَالَ: "هل ترك شيئا؟ " قالوا: لا، قَالَ: "فهل عليه دين؟ " قالوا: ثلاثة دنانير، قَالَ: "صلوا عَلَى صاحبكم"، قَالَ أبو قتادة: صل عليه، يا رسول الله، وعليّ دينه، فصلى عليه". وفي رواية ابن ماجه: "فَقَالَ أبو قتادة: وأنا أتكفّل به".

وأجمع المسلمون عَلَى جواز الضمان فِي الجملة، وإنما اختلفوا فِي فروع، نذكر أهمّها، إن شاء الله تعالى.

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: ولابد فِي الضمان منْ ضامن، ومضمون عنه، ومضمون له، ولابد منْ رضي الضامن، فإن أُكره عَلَى الضمان لم يصح، ولا يعتبر رضي المضمون عنه، لا نعلم فيه خلافا؛ لأنه لو قضى الدين عنه بغير إذنه ورضاه صح، فكذلك إذا ضمن عنه، ولا يعتبر رضي المضمون له. وَقَالَ أبو حنيفة ومحمد: يعتبر؛ لأنه إثبات مال لآدمي، فلم يثبت إلا برضاه، أو رضي منْ ينوب عنه، كالبيع