للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأول هو الوجه؛ لأنه نعت لـ"رجل"، وهو نكرة، ولا يبعُد أن يكون الثاني أيضًا له وجه أيضًا، وهو النصب على الحال من النكرة، وهو جائز على قلة، كما أشار إليه ابن مالك في "الخلاصة"، حيث قال:

وَلَمْ يُنَكَرْ غَالِبًا ذُو الْحَالِ إِنْ … لَمْ يَتَأخَّرْ أَوْ يُخَصِّصْ أَوْ يَبِنْ

مِنْ بَعْدِ نَفْيِ أَوْ مُضَاهِيهِ كَلَا … يَبْغِي امْرُؤٌ عَلَى امْرِئ مُسْتَسْهِلَا

وقوله: "فوُقص" بالبناء للمفعول، و"وقصًا" مفعول مطلق. وقوله: "وألبسوه" بقطع الهمزة؛ من الإلباس. والحديث متّفقٌ عليه، كما سبق بيانه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، واليه أنيب".

١٠٢ - (فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوِّ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "أُحصر" بالبناء للمفعول، والجارّ والمجرور نانب فاعله.

و"الإحصار": لغة المنع، والحبس، مطلقًا، وشرعًا: المنع عن الوقوف، والطواف، فإن قدر على أحدهما فليس بمحصر.

والأصل فيه قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الآية [البقرة: ١٩٦]. وقال عطاء: الإحصار من كلّ شيء بحسبه. نقله الإمام البخاريّ في "صحيحه"، واقتصر عليه. فقال في "الفتح": وفي اقتصاره على تفسير عطاء إشارة إلى أنه اختار القول بتعميم الإحصار، وهي مسألة خلافية بين الصحابة، وغيرهم انتهى (١).

قلت: والمصنّف -رحمه اللَّه تعالى- يرى التعميم أيضًا حيث أورد في هذا الباب حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - الدالّ على الإحصار بالعدوّ، وحديث الحجاج بن عمرو - رضي اللَّه تعالى عنه - الآتي بعده الدال على الإحصار بالعرج والكسر، وقد ترجم له في "الكبرى" بقوله: "فيمن أُحصر بغير عدو"، فدلّ على أنه يرى عدم تقييد


(١) -"فتح" ٤/ ٤٦٧.