للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لقوت يوم وليلة؛ لما روي أنه طهرة للصائم، ولا فرق بين الغنيّ، والفقير في ذلك.

ويؤيّد ذلك ما روي من تفسيره - صلى اللَّه عليه وسلم - من لا يحلّ له السؤال بمن يملك ما يُغدّيه، ويعشّيه، وهذا هو الحقّ؛ لأن النصوص أطلقت، ولم تخصّ غنيًّا، ولا فقيرًا، ولا مجالَ للاجتهاد في تعيين المقدار الذي يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكًا له، ولا سيّما والعلّة التي شُرعت لها الفطرة موجودةٌ في الغنيّ والفقير، وهي التطهّر من اللغو، والرفث، واعتبار كونه واجدًا لقوت يوم وليلة أمرٌ لا بدّ منه؛ لأن المقصود من شرع الفطرة إغناء الفقراء في ذلك اليوم، كما أخرجه البيهقيّ، والدارقطنيّ، عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، مرفوعًا، وفيه: "أغنوهم في هذا اليوم". وفي رواية للبيهقيّ: "أغنوهم عن طواف هذا اليوم". وأخرجه أيضًا ابن سعد في "الطبقات" من حديث عائشة، وأبي سعيد - رضي اللَّه عنهما -، فلو لم يُعتبر في حقّ المخرِج ذلك لكان ممن أُمرنا بإغنائه في ذلك اليوم، لا من المأمورين بإخراج الفطرة، وإغناء غيره. انتهى كلام الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى-.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى- كلام حسنٌ جدًّا.

والحاصل أنّ ما ذهب إليه الجمهور من وجوبها على الفقير، إذا كان له ما يفضل عن قوته، وقوت من تلزمه نفقته في ذلك اليوم هو الصواب؛ لعموم قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "على كلّ حرّ، أو عبد، ذكر، أو أنثى، صغير، أو كبير". فالفقير داخل في جملة هؤلاء، فيلزمه ما يلزمهم، إلا إذا أتى نصّ صريحٌ يُخرجه من العموم، ولم يوجد ذلك، وأما كونه لا يلزمه شيء إذا لم يفضل عن قوت يومه شيء، فبالإجماع، وبقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} الآية [البقرة: ٢٨٦]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٣١ - (بَابُ فَرْضِ زَكَاةِ رَمَضَانَ عَلَى الْمَمْلُوكِ)

٢٥٠١ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, صَدَقَةَ الْفِطْرِ, عَلَى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى, وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ, صَاعًا مِنْ تَمْرٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ", قَالَ: فَعَدَلَ النَّاسُ إِلَى نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ).