للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (بَابُ النَّهْي عَنِ التَّبَتُّلِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "التبتّل": مصدر "تَبَتَّلَ"، من البَتْل، وهو القطع، يقال: بتله بَتْلاً، من باب قتل: قطعه، وأبانه، وطلّقها طلقةً بَتَّةً بَتلَةً، وتَبَتّل إلى العبادة: تفرّغ لها، وانقطع.

والمراد هنا الانقطاع عن النكاح، وما يتبعه من الملاذّ إلى العبادة.

وأما المأمور به في قوله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمّل: ٨]، فقد فسّره مجاهدٌ، فقال: أخلِصْ له إخلاصًا. وهو تفسيرٌ معنًى، وإلا فأصل التبتّل الانقطاع، والمعنى: انقطع إليه انقطاعًا، لكن لما كانت حقيقة الانقطاع إلى اللَّه تعالى إنما تقع بإخلاص العبادة له فسّرها بذلك. ومنه: "صدقةٌ بَتْلَةٌ" أي منقطعةٌ عن الملك. ومريم البتول؛ لانقطاعها عن التزويج إلى العبادة. وقيل لفاطمة - رضي اللَّه تعالى عنها - البتول، إما لانقطاعها عن الأزواج غير عليّ، أو لانقطاعها عن نظرائها في الحسن والشرف.

وقد ترجم الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- بقوله: "باب ما يكره من التبتّل، والخصاء". فقال في "الفتح": وإنما قال: "ما يكره من التبتل والخصاء" للإشارة إلى أن الذي يكره من التبتّل هو الذي يُفضي إلى التنطّع، وتحريم ما أحلّ اللَّه، وليس التبتّل من أصله مكروهًا. وعطف "الخصاء" عليه؛ لأن بعضه يجوز في الحيوان المأكول انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٢١٣ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ, قَالَ: "لَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَلَى عُثْمَانَ التَّبَتُّلَ, وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (محمد بن عُبيد) بن محمد بن واقد المحاربيّ، أبو جعفر، أو أبو يعلى النحاس الكوفيّ، صدوق [١٠] ١٤٤/ ٢٢٦.

٢ - (عَبْدُ اللَّه بْنُ الْمُبَارَكِ) المروزيّ الإمام الحجة الثبت المشهور [٨] ٣٢/ ٣٦.

٣ - (معمر) بن راشد البصريّ، ثم اليمنيّ، ثقة ثبت [٧] ١٠/ ١٠.

٤ - (الزهريّ) محمد بن مسلم الإمام الحجة الثبت الشهير [٤] ١/ ١.

٥ - (سعيد بن المسيب) بن حَزْن المخزومي المدني الفقيه الحجة الثبت [٣] ٩/ ٩.


(١) - "فتح" ١٠/ ١٤٧.