للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٨ - (فَضْلُ السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ)

أي هذا باب ذكر الحديث الدّالّ على فضل الساعي في مصلحة المرأة الفقيرة التي مات زوجها. ولفظ "الكبرى": "فضل الساعي على الأرملة والمسكين"، وهو الموافق للفظ الحديث.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: مناسبة إيراد هذا الباب هنا كون الأرملة من جملة مصارف الزكاة، فأراد أن يبيّن أنها وإن كانت من جملة المصارف، إلا أن لها فضلًا، حيث إن من سعى في إيصال الخير إليها كان كالمجاهد في سبيل اللَّه تعالى، فيكون فضل دفع الزكاة إليها أكثر من الدفع إلى غيرها من أمثالها من الفقراء.

و"الأرملة": هي التي لا زوج لها؛ لافتقارها إلى من يُنفق عليها. قال الأزهريّ: لا يقال لها: أرملةٌ إلا إذا كانت فقيرةً، فإن كانت موسرةً، فليست بأرملةٍ، والجمع أرامل، حتى قيل: رجلٌ أرملٌ إذا لم يكن له زوجٌ. قال ابن الأنباريّ: وهو قليلٌ؛ لأنه لا يَذهَبُ زاده بفقد امرأته؛ لأنها لم تكن قيّمةً عليه. قال ابن السكّيت: والأرامل: المساكينُ رجالًا كانوا أو نساء. ذكره الفيّوميّ.

وقال ابن منظور -رحمه اللَّه تعالى-: وأَرْمَلَتِ المرأةُ: إذا مات عنها زوجها. وأرملت: صارت أرملةً. وقال ابن الأنباريّ: سمّيت أرملة لذهاب زادها، وفقدها كاسبها، ومن كان عيشُها صالحًا به، من قول العرب: أرمل القومُ، والرجل: إذ ذهب زادهم، قال: ولا يقال له إذا ماتت امرأته: أرمل إلا في شذوذ؛ لأن الرجل لا يذهب زاده بموت امرأته، إذ لم تكن قيّمة عليه، والرجل قيّم عليها، وتلزمه عَيْلُولتها، ومؤنتها، ولا يلزمها شيء من ذلك. قال: ورُدّ على القتيبيّ قولُهُ فيمن أوصى بماله للأرامل أنه يعطى منه الرجال الذين ماتت أزواجهم؛ لأنه يقال: رجلٌ أرملٌ، وامرأة أرملة. قال: وهذا مثل الوصيّة للجواري، لا يُعطى منه الغلمان، ووصية الغلمان لا يُعطى منه الجواري، وإن كان يقال للجارية: غُلَامة انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٢٥٧٧ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ (٢) عَنْ أَبِي الْغَيْثِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ


(١) - "لسان العرب" في مادة رمل.
(٢) - وفي رواية محمد بن الحسن في "الموطّإ" عن مالك: أخبرني ثور. قاله في "الفتح" ج ١٠ ص ٦٢٦.