للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأخبر ابن عباس بالذي قرأه، ولا يحتاج أن يقدّر بنحو سورة البقرة.

واحتجّ من رأى الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف بأن الذي احتجّ به مالك، والشافعيّ حجة لو لم يأت غيره، وعائشة تخبر أنه جهر بالقراءة، فقبول خبرها أولى، لأنها في معنى شاهد، فقبول شهادتها يجب، والذي لم يحك الجهر في معنى نافٍ، وليس بشاهد، وقد يجوز أن يكون ابن عباس من الصفوف بحيث لم يسمع قراءة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقدّر ذلك بغيره، وتكون عائشة سمعت الجهر، فأدّت ما سمعت.

وقال إسحاق: لو لم يأت في ذلك سنة لكان الجهرُ أشبه الأمر، تشبيهًا بالجمعة والعيدين والاستسقاء، وكل ذلك نهارًا، قال: وأما كسوف القمر فقد أجمعوا على الجهر في صلاته, لأن قراءة الليل على الجهر.

قال ابن المنذر: بهذا أقول، يجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس والقمر. انتهى كلام ابن المنذر بتصرّف (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي رجحه ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى- من مشروعية الجهر بالقراءة هو الحقّ عندي؛ لصحة حديث الباب، وليس للقائلين بعدم الجهر دليل صريح صحيح، فحديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - عرفت تأويله آنفًا، وحديث سمرة - رضي اللَّه عنه - الآتي في الباب التالي غير صحيح، وعلى تقدير صحته فهو مثل حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، وذلك أن يُحمل على أنه نَفَى عدمَ سماعه لقراة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لبعده، ولا يلزم من ذلك عدم جهره. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

* * *

١٩ - (تَرْكُ الْجَهْرِ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ)

١٤٩٥ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ, رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ, عَنْ سَمُرَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم - صَلَّى بِهِمْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ, لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا).


(١) "الأوسط" ج ٥ ص ٢٩٦ - ٢٩٨.