للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الحديث الآخر: "فصام حتى بلغ كُرَاع الغميم"، وهو بفتح الغين المعجمة، وهو وادٍ أمامَ عُسفان بثمانية أميال، يُضاف إليه هذا الكُرَاع، وهو جبل أسود متصل به، والكُراع كلّ أنف سال من جبل أو حرّة.

قال القاضي: وهذا كله في سفر واحد في غَزَاة الفتح، قال: وسميت هذه المواضع في هذه الأحاديث لتقاربها، وإن كانت عُسفان متباعدة شيئًا عن هذه المواضع، لكنها كلها مضافة إليها، ومن عَمَلِها، فاشتمل اسم عُسفان عليها، قال: وقد يكون عَلِمَ حالَ الناس، ومشقّتهم في بعضها، فأفطر، وأمرهم بالفطر في بعضها. هذا كلام القاضي.

قال النوويّ: وهو كما قال، إلا في مسافة عسفان، فإن المشهور أنها على أربعة بُرُد من مكة، وكل بَرِيد أربعة فراسخ، وكلّ فرسخ ثلاثة أميال، فالجملة ثمانية وأربعون ميلاً، هذا هو الصواب المعروف الذي عليه الجمهور انتهى كلام النووي (١).

وقوله: "حتى إذا بلغ الكَديد أفطر": هذا محلّ الترجمة، حيث إنه يدلّ على جواز صوم بعض الشهر، وفطر بعضه للمسافر. واللَّه تعالى أعلم.

والحديث متفق عليه، وقد تقدّم تخريجه في-٥٤/ ٢٢٨٧ - واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٦١ - (الرُّخْصَةُ فِي الإِفْطَارِ لِمَنْ شَهِدَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَصَامَ، ثُمَّ سَافَرَ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الفرق بين هذه الترجمة والتي قبلها أن تلك لبيان جواز صوم المسافر بعض الشهر، وفطره بعضه مطلقًا، سواء وقع ذلك البعض في الحضر، أم في السفر، وهذه خاصّة بمن صام بعضه في الحضر، ثم سافر.

ووجه الاستدلال لما ترجم له من جهة أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - سافر في أثناء رمضان، وذلك في


(١) - "شرح مسلم" ج ٨ ص٢٣٠.