٥٠ - (بَابُ الثَّنَاءِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أراد جواز ثناء الناس على الميت، وقد ترجم الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، بنحو من ترجمته، حيث قال: "باب ثناء الناس على الميت". أي مشروعية الثناء على الميت، وجوازه مطلقًا، بخلاف الحيّ، فإنه منهيّ عنه، إذا أفضى إلى الإطراء، خشيةً عليه من الزَّهْوِ، أشار إلى ذلك الزين ابن المُنَيِّر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
١٩٣٢ أ- (أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ, عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: مُرَّ بِجَنَازَةٍ, فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا, فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «وَجَبَتْ» , وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى, فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا, فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «وَجَبَتْ». فَقَالَ عُمَرُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي, مُرَّ بِجَنَازَةِ, فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا, فَقُلْتَ: وَجَبَتْ, وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ, فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا, فَقُلْتَ: وَجَبَتْ, فَقَالَ: «مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا, وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ, وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا, وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ, أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ»).
رجال هذا الإسناد: أربعة:
١ - (زياد بن أيّوب) أبو هاشم الطُّوسيّ، نزيل بغداد، يُلقب دَلُّويَهْ، وكان يَغضَب منها، ولقبه أحمد شعبةَ الصغير، ثقة حافظ [١٠] ١٠١/ ١٣٢.
٢ - (إسماعيل) ابن عُليّة البصريّ الحافظ الحجة [٨] ١٨/ ١٩.
٣ - (عبد العزيز) بن صُهَيب البُنَانيّ البصريّ، ثقة [٤] ١٧/ ١٦٤٣.
٤ - (أنس) بن مالك - رضي اللَّه عنه - ٦/ ٦. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من رباعيات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو (١١٤) وهو أعلى الأسانيد له، كما تقدّم غير مرّة، وأنه مسلسل بثقات البصريين، غير شيخه، فطوسيّ، ثم بغداديّ، وفيه أنس - صلى اللَّه عليه وسلم - أحد المكثرين السبعة، روى (٢٢٨٦) حديثًا وهو آخر من مات من الصحابة - رضي اللَّه عنهم - بالبصرة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أنَسِ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (قَالَ: مُرَّ) بضمّ الميم، على البناء للمفعول (بِجَنَازَةٍ) تقدّم ضبطه بالكسر والفتح، واختلاف العلماء في معناه (فَأُثنِيَ عَلَيْهَا) قال الفيّوميّ -رحمه
(١) - "فتح" ج ٣ ص ٥٩٥.