للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الخامسة): فِي اختلاف العلماء فِي الجمع بين روايتي قيراط، وقيراطين: اخْتَلَفُوا فِي اخْتِلَاف الرِّوَايَتَينِ، فِي الْقِيراطَيْن والْقِيراط، فَقِيلَ: الحُكْم الزَّائِد؛ لِكَونِهِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحفَظهُ الآخَر، أَو أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أَخبَرَ أوَّلًا بِنَقصِ قِيرَاط وَاحِد، فَسَمِعَهُ الرَّاوِي الأَوَّل، ثُمَّ أَخبَرَ ثَانِيًا بِنَقصِ قِيرَاطَينِ، فِي التأكِيد فِي التنفِير منْ ذَلِكَ، فَسَمِعَهُ اِلرَّاوِي الثَّانِي. وَقِيلَ: يَنْزِل عَلَى حَالَيْنِ: فَنُقْصَان الْقِيراطَيْن باعْتِبَارِ كَثرَة الأضْرَار بِاتِّخاذِهَا، وَنَقْص الْقِيرَاط بِاعْتِبَارِ قِلَّته. وَقِيلَ: يَخْتَصّ نَقْص الْقِيراطَيْن بِمَنْ اتَّخَذَهَا بِالمَدِينَةِ الشَّرِيفَة خَاصَّة، والْقِيرَاط بِمَا عَدَاهَا. وَقِيلَ: يَلْتَحِق بالْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ سَائِر الْمُدُن وَالْقُرَى، وَيَخْتَصّ الْقِيرَاط بأهْل البَوَادِي، وَهُوَ يَلْتَفِت إِلىَ مَعْنَى كَثْرَة التَّأَذِّي وَقِلَّته. وَكَذَا مَنْ قَالَ: يَحتَمِل أَنْ يَكُون فِي نَوعَينِ منْ الْكِلَاب: فَفِيمَا لَابسه آدَمِيّ قِيرَاطَانِ، وَفِيمَا دُونه قِيرَاط. وَجَوَّزَ ابن عَبْد البَرّ أنْ يَكون الْقِيرَاط الَّذِي يَنْقُص أَجْر إِحْسَانه إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَة ذَوَات الأَكْبَاد الرَّطبَة، أَو الحَرَّى، وَلَا يَخْفَى بُعْده. والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: اخْتُلِفَ فِي الْقِيْرَاطَين المَذْكُورَينِ هُنَا، هَلْ هُمَا كَالْقِيرَاطَينِ المَذْكُورَينِ فِي الصَّلَاة عَلَى الجِنَازَة، وَاتِّبَاعهَا؟: فَقِيلَ: بِالتَّسْوِيَةِ. وَقِيلَ: اللَّذَان فِي الجِنَازَة منْ بَاب الفَضْل، وَاللَّذَانِ هُنَا مِنْ بَاب الْعُقُوبَة، وَبَاب الْفَضْل أَوْسَع مِنْ غَيرْه.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول الثاني هو الأشبه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١١ - (امْتِنَاعِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ كَلْبٌ)

٤٢٨٣ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا (١) شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "الْمَلَائِكَةُ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَلَا كَلْبٌ، وَلَا جُنُبٌ").


(١) وفي نسخة: "أخبرنا".