للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والذي في "صحيح مسلم" عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة في هذا الحديث: "فقال عبد الرحمن: وكان زوجها حرًّا، قال شعبة: ثم سألته عن زوجها؟ فقال: لا أدري" انتهى.

والظاهر أن عبد الرحمن كان متردّدًا، فمرّة يقول حرّ، ومرّة يقول: عبدٌ، ومرّة يقول: لا أدري، وقد تقدّم أن المحفوظ أنه كان عبدًا، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه

أنيب".

٣٢ - (بَابُ الإِيلَاءِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الإيلاء": في اللغة هو الحلف، يقال: آلى يولي إيلاءً: أي حلف، ويقال: تألّى تألّيًا، وائتلاءً، وهو في الشرع: الحلف على الامتناع من وطء الزوجة بيمين يلزم بها حكمٌ أكثر من أربعة أشهر بمدّة مؤثّرة. قاله القرطبيّ (١).

وقال ابن قُدامة: الإيلاء في اللغة: الحَلِف، يقال: آلى يولي إيلاءً، وأَلِيّةً، وجمع الأَلِيّة ألايا، بالتخفيف، مثلُ عطيّة وعَطَايا، قال الشاعر [من الطويل]:

قَلِيلُ الألَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ … إِذَا صَدَرَتْ مِنْهُ الأَلِيّةُ بَرَّتِ

فجمع بين المفرد والجمع. ويقال: تَأَلَّى يَتَأَلَّى. فأما الإيلاء في الشرع، فهو الحلف على ترك وطء المرأة. والأصل فيه قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] وكان أبيّ بن كعب، وابن عبّاس - رضي اللَّه عنهم - يقرآن: "يُقْسِمُونَ" انتهى ببعض اختصار (٢).

وأخرج الطبريّ عن أبيّ بن كعب - رضي اللَّه عنه - أنه قرأ "الذين يولون من نسائهم" قال الفرّاء: التقدير على نسائهم، و"من" بمعنى "على". وقال غيره: بل فيه حذفٌ، تقديره: يُقسمون على الامتناع من نسائهم. قاله في "الفتح" (٣).


(١) "المفهم" ٤/ ٢٥٩. "كتاب الطلاق".
(٢) "المغني" ١١/ ٥ "كتاب الإيلاء".
(٣) "فتح" ١٠/ ٥٣٤.