وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِلَحْمٍ، فَقَالُوا: هَذَا مِمَّا تُصُدّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، قَالَ:"هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ").
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه -وهو المعروف أبوه بابن عليّة- فإنه من أفراده، وهو ثقة حافظ. و"يحيى بن أبي بكير": اسم أبيه نَسْر -بفتح النون، وسكون السين المهملة -وهو كوفيّ الأصل، نزيل بغداد، من رجال الجماعة.
وقوله:"قال: وكان وصيّ أبيه" الظاهر أن فاعل "قال" ضمير شعبة، أي قال شعبة: كان عبد الرحمن بن القاسم وصيّ أبيه، أي أوصى إليه أبوه بالقيام بشأن أولاده، وتدبير أحوالهم؛ حيث كان أكبر أولاده، فيكون قوله:"عن عائشة" معترضًا.
وقوله:"وفرِقتُ" بتاء المتكلّم هو من تتمّة كلام شعبة، وهو بكسر الراء، يقال: فرِق من الشيء، من باب تَعِبَ: إذا خاف منه.
وقوله:"هل سمعتَهُ" بفتع التاء؛ لأنها تاء خطاب، فما وقع في النسخ المطبوعة من ضبطها بالضمّ ضبطَ قلم غلط فليُتنبّه. ومعناه: أن شعبة خاف أن يسأل عبد الرحمن بن القاسم أن يسأله هل سمع هذا الحديث من أبيه، أم لا؟.
وقولها:"وأردتُ أن أشتريها" جملة في حلّ نصب على الحال من فاعل "سألتُ". وقولها:"واشتُرط الولاء لأهلها" ببناء الفعل للمفعول جملة في محلّ نصب على الحال من فاعل "أشتريها".
وقوله:"قال: وخُيّرت، وكان زوجها عبدًا" ببناء "خُيّرت" للمفعول، والقائل هو عبد الرحمن: يعني أن عبد الرحمن بن القاسم، قال: وخُيّرت بريرة حينما أُعتقت، وكان زوجها وقت التخيير عبدًا.
وقوله:"ثم قال بعد ذلك: ما أدري" أي قال عبد الرحمن بعد أن حدّث أن زوجها كان عبدًا، لا أعلم أكان زوجها عبدًا، أم حرًّا، ومعنى ذلك أنه شكّ في كونه عبدًا بعد ما حدّث بالجزم أنه عبدٌ، والمعتبر في هذا جزمه السابق؛ لأن الشكّ الطارئ لا يرفعه، ولا سيّما وقد وافقه عليه عروة، وهو أتقن من روى عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -.
[تنبيه]: وقع في رواية المصنّف هنا من طريق يحيى بن أبي بُكير، عن شعبة:"وكان زوجها عبدًا".
والذي في "صحيح البخاريّ" عن محمد بن بشّار، عن غندر، عن شعبة: قال عبد الرحمن: زوجها حرٌّ، أو عبد، قال شعبة: سألت عبد الرحمن عن زوجها؟ قال: لا أدري، أحرّ، أم عبد انتهى.