للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإيصاء، وتكودْ بمعنى المفعول، وهو الاسم. وهي الشرع: عهد خاصّ، مضافٌ إلى ما بعد الموتِ، وقد يصحبه التبرّع. قال الأزهريّ: الوصيّة من وَصَيتُ الشيءَ - بالتخفيف- أَصِيهِ: إذا وصلته، وسمّيت وصيّةً؛ لأن الميت يَصِل بها ما كان في حياته بعد مماته. ويقال: وَصِيَّة -بالتشديد-، ووَصَاةٌ بالتخفيف، بغير همز. وتُطلق شرعًا

أيضًا على ما يقع به الزجر عن المنهيّات، والحثّ على المأمورت. قاله في "الفتح" (١).

وقال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: والوصية بالمال هي التبرّع به بعد الموت، والأصل فيها الكتاب، والسنّة، والإجماع، أما الكتاب، فقول اللَّه سبحانه وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} الآية [البقرة: ١٨٠]. وقال اللَّه تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} الآية [النساء: ١١]. وأما السنّة، فحديث سعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه تعالى عنه - الآتى في الباب الثالث. قال: وأجمع العلماء في جميع الأمصار والأعصار على جواز الوصيّة. انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

١ - (الْكَرَاهِيَةُ فِي تَأْخِيرِ الْوَصِيَّةِ) (٣)

قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: أي لا ينبغي له أن يؤخّر الوصيّة، إما بإخراج ما يُحوجه إليها، أو بتقديمها على المرض، مع وجود ما يُحوجه إليها، فلذلك ذكر في الباب من الأحاديث ما يقتضي التصدّق بالمال قبل حلول الآجال؛ لما فيه من الخروج عن كراهية تأخير الوصيّة؛ لانتفاء الحاجة إليها أصلاً، فليُتأمّل انتهى (٤). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٦٣٨ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ, عَنْ عُمَارَةَ, عَنْ أَبِي زُرْعَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ, أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ , قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ, وَأَنْتَ صَحِيحٌ, شَحِيحٌ, تَخْشَى الْفَقْرَ, وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ, وَلَا تُمْهِلْ, حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ, قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا, وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»).


(١) "فتح" ٦/ ٣. "كتاب الوصايا".
(٢) "المغني" ٨/ ٣٨٩ - ٣٩٠. "كتاب الوصايا".
(٣) ووقع في بعض النسخ: "باب الكراهية في تأخير الوصيّة".
(٤) "شرح السنديّ ٦/ ٢٣٧.