للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (شَرِكَةُ عِنَانٍ بَيْنَ ثَلَاَثةٍ)

أي هذا كتابة عقد شركة عنان بين ثلاثة أشخاص.

و"الشرِكة" -بفتح الكاف، وكسر الراء، ويجوز تسكينها، معِ فتح المعجمة، وكسرها، ففيها ثلاث لغات، وهي في اللغة: مصدر شَرِكته في الأمر أشْرَكه، من باب تَعِبَ شَرِكًا، وشَرِكَةٌ، وزانُ كَلِم، وكَلِمَةٍ: إذا صرت له شَريكًا، وجمع الشريك شُرَكاء، وأَشْرَاك. وشرعًا: هي اجتماع في استحقاق، أو تصرّف.

وقال في "الفتح": الشركة -بفتح المعجمة، وكسر الراء، وبكسر أوله، وسكون الراء، وقد تحذف الهاء، وقد يُفتح أوله مع ذلك، فتلك أربع لغات، وهي شرعًا: ما يحدُث بالاختيار بين اثنين، فصاعدًا من الاختلاط لتحصيل الربح، وقد تحصُل بغير قصد، كالإرث. انتهى (١).

و"العِنَانُ" -بكسر العين المهملة، ونونين خفيفتين، بينهما ألف، وشرِكة العنان هي أن يُخرج كلّ واحد من الشريكين، دنانير، أو دراهم مثل ما يُخرج صاحبه، ويخلطاها، ويأذن كلّ واحد منهما لصاحبه بأن يتجر فيه، ولا خلاف بين الفقهاء في جوازه، وأنهما إن ربِحا في المالين فبينهما، وإن وُضِعا فعلى رأس مال كلّ واحد منهما. وقيل: شركة العنان هي شرِكة في شيء خاصٍ، دون سائر أموالهما، كأنه عنّ لهما شيء، أي عَرَضَ، فاشترياه، واشتركا فيه، قال النابغة الجَعديّ:

وَشَارَكْنَا قُرَيشًا فِي تُقَاهَا … وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ

بِمَا وَلَدَتْ نِسَاءُ بَنِي هِلَالٍ … وَمَا وَلَدَتْ نِسَاءُ بَنِي أَبَانِ

وقيل: شركة العنان أن يكونا سواءً في الْغَلَق، وأن يتساوى الشريكان فيما أخرجاه، من عين، أو ورِق، مأخوذ من عِنَان الدّابّة؛ لأن عنان الدّابّة طاقتان متساويتان. قال الجعد يمدح قومه، ويفتخر:

وَشَارَكْنَا قُرَيشًا فِي تُقَاهَا ..... البيتين.

أي ساويناها, ولو كان من الاعتراض لكان هِجَاءً. وسُمّيت هذه الشركة شركة عنان لمعارضة كلّ واحد منهما صاحبه بمال مثل ماله، وعمله فيه مثل عمله بيعًا وشراءً، يقال: عانّه عِنَانًا، ومُعانّةٌ، كما يقال: عارضه معاضةً وعِرَاضًا. أفاده ابن منظور -رحمه


(١) "فتح" ٥/ ٤٢٥ "كتاب الشركة".