للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْكِتَاب) أي وهو عشرة آلاف درهم. وقوله (فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) خبر "كلّ"، ودخول الفاء في الخَبر جائز؛ لما في المبتدإ من معنى العموم (نِصْفَيْنِ) منصوب على الحال، أي مقسمًا على نصفين (لَكَ مِنْهُ النصْفُ بحَظِّ رَأْسِ مَالِكَ) أي بسبب ما دفعته من رأس المال الذي حصل منه ذلك الربح (وَلِي فِيهِ النِّصْفُ تَامًّا بِعَمَلي فِيهِ) يعني أنه يستحق نصف الربح الآخر بسبب عمله بالتجارة حتى حصل منه هذا الربح (وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ وَضيعَةٍ) -بفتح الواو، وكسر الضاد المعجمة-: الخسارة (فَعَلَى رَأْسِ الْمَالِ) يعني أنه إذا حصلت خسارة تكون على رأس المال خاصّةً، ليس على العامل منها شيء؛ وذلك لأن الوضعية عبارة عن نقصان رأس المال، وهو مُختصّ بملك ربّ المال، لا شيءَ للعامل فيه، فيكونَ نقصه من ماله، دون غيره، وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء، فأشبه المساقاة والمزارعة، فإن ربّ الأرض، والشجر يُشارك العامل فيما يحدُث من الزرع والثمر، وإن تَلِف الشجر، أو هلك شيء من الأرض بغَرَقٍ، أو غيره لم يكن على العامل شيء (١).

(فَقَبَضْتُ مِنْكَ هَذِهِ الْعَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَم الْوُضْحَ الْجِيَادَ، مُسْتهَلّ شَهرِ كَذَا، فِي سَنَةِ كَذَا، وَصَارَتْ لَكَ فِي يَدِي قِرَاضًا) أي مضاربة (عَلَى الشُّرُوطِ الْمُشْتَرَطَةٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ، أَقرَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ) كناية عن صاحب المال، والمضارب، يعني أنه أقرّ بما في هذا الَكتاب كلّ واحد منهما (وَإذَا أَرَادَ أنْ لَا يُطْلِقَ لَهُ) ثبتت كلمة "لا" في النسخة الهندية، وهو الصواب، وسقطت من كثير من نسخ "المجتبى"، وهو غلطٌ فاحش، يَفسُدُ به المعنى، فتنبْه (أَنْ يَشتَرِيَ وَيَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ كَتَبَ: وَقَد نَهْيْتَني أَنْ أَشْتَرِيَ وَأَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ) يعني أن صاحب المال إذا أراد أن لا يُطلق للمضارب العمل، بل أراد أن يقيّده بنوع خاصّ من البيع والشراء، كان يريد منعه من البيع بالنسيئة، كَتَب المضارب في كتابة العقد قوله: "وقد نهيتني الخ؛ ليتمكّن أن يُلزمه به لو خالف بعد ذلك، فقوله: "وقد نهيتني الخ مفعول "كتَبَ" لقصد لفظه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".


(١) راجع "المغني" ٧/ ١٤٥.