للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نعلم أحدًا من الصحابة خالفه. وقال أحمد: حديث عثمان أرفع شيء فيه، وهو أصحّ -يعني من حديث عليّ، وحديث الأعمش منصور، لا يرفعه إلى عليّ؛ ولأنه زائل العقل، فأشبه المجنون والنائم، ولأنه مفقود الإرادة، فأشبه المكره؛ ولأن العقل شرط التكليف؛ إذ هو عبارةٌ عن الخطاب بأمر، أو نهي، ولا يتوجّه ذلك إلى من لا يفهمه، ولا فرق بين زوال الشرط بمعصية، أو غيرها؛ بدليل أن من كسَرَ ساقيه جاز له أن يصلّي قاعدًا، ولو ضَرَبت المرأة بطنها، فنُفست، سقطت عنها الصلاة، ولو ضَرَب رأسه فجُنّ، سقط عنه التكليف، وحديث أبي هريرة لا يثبت انتهى كلام ابن قدامة باختصار (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: المذهب الثاني هو الراجح عندي؛ لوضوح أدلّته. قال العلاّمة الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى- منتصرًا القولَ بعدم الوقوع: إن السكران الذي لا يعقل لا حكم لطلاقه؛ لعدم المناط الذي تدور عليه الأحكام، وقد عيّن الشارع عقوبته، فليس لنا أن نتجاوزها برأينا، ونقول: يقع طلاقه عقوبةً له، فيُجمَعَ له بين عقوبتين انتهى (٢). وهو تحقيق نفيس. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه

أنيب".

٢٢ - (بَابُ مَنْ طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ)

٣٤٦٠ - (أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَّمٍ (٣) , قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ عَطَاءٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى, تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي, كُلَّ شَيْءٍ, حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا, مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ, أَوْ تَعْمَلْ»).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (إبراهيم بن الحسن) بن الْهَيْثَم الْخَثعَميّ، أبو إسحاق الْمِصِّيصيّ الْمِقْسَميّ، ثقة


(١) "المغني" ١٠/ ٣٤٥ - ٣٤٨.
(٢) "نيل الأوطار" ٦/ ٢٥٠.
(٣) بتشديد اللام.