للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحابة؛ فلأجل الرؤية، وقد ترجم له أحمد في "مسنده"، وأخرج له عدّة أحاديث، ليس فيها شيء صرّح فيه بالسماع. قال: ورواية مخرمة عن أبيه عند مسلم في عدّة أحاديث، وقد قيل: لم يسمع من أبيه انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

****

٧ - (بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ)

أي هذا باب ذكر الأحاديث الدّالّة على جواز إيقاع الطلاق الثلاث مجموعة بلفظ واحد.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: محلّ استدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- من حديث سهل بن سعد - رضي اللَّه تعالى عنهما - في قصّة المتلاعنين، قوله: "فطلّقها ثلاثًا، قبل أن يأمره رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -"، ووجه الاستدلال منه أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - سمع طلاق الرجل ثلاثًا بلفظ واحد، فلم ينكر ذلك عليه، فدلّ على جواز إيقاع الثلاث.

وتُعُقّب هذا بأن المفارقة في الملاعنة إنما هي بنفس اللعان، فلم يُصادف تطليقه إياها ثلاثًا موقعًا.

وأجيب بأن الاحتجاج به من كون النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يُنكر عليه إيقاع الثلاث مجموعة، فلو كان ممنوعًا لأنكره عليه، وإن وقعت الفرقة بنفس اللعان. أفاده في "الفتح" (٢).

وأما استدلاله بحديث فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنها - ففيه نظرٌ لا يخفى؛ لأن الصحيح أن المراد بثلاث تطليقات آخر الطلقات الثلاث، لا أنه طلّقها ثلاثًا مجموعة، بدليل الروايات الأخرى التي تبيّن أنه إنما طلّقها طلقة واحدة، بقيت لها من ثلاث تطليقات، كما سبق تحقيق ذلك في -٨/ ٣٢٢٣ - "تزويج المولى العربيّة"، فقد ساقه المصنّف هناك، وفيه: "وأرسل إليها بتطديقة، هي بقيّة طلاقها … " الحديث. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه مهم]: اعلم أن غرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذا الباب إجازة الطلقات الثلاث المجموعة، وأنها واقعة، وقد ترجم الإمام البخاريّ لذلك في "صحيحه"،


(١) "فتح" ١٠/ ٤٥٥.
(٢) راجع "الفتح" ١٠/ ٤٦١.