للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ}، أي كرّة بعد كرّة، لا كرّتين اثنين. ومعنى قوله: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} تخيير لهم بعد أن عَلَّمَهُم كيف يُطَلِّقون بين أن يمسكوا النساء بحسن العشرة، والقيام بواجبهنّ، وبين أن يُسَرِّحوهنّ السَّرَاح الجميل الذي علّمهم. والحكمة في التفريق، دون الجمع ما بُيّنت في قوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} أي قد يقلب اللَّه تعالى قلب الزوج بعد الطلاق من بغضها إلى محبّتها، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها، ومن عزيمة إمضاء الطلاق إلى الندم عليه، فيراجعها. أفاده الطيبيّ (١).

وقوله: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} أي بالجمع بين الثلاث، والزيادة عليها، فكلاهما لعبٌ، واستهزاءٌ، والجدّ والعزيمة أن يُطلّق واحدةً، وإن أراد الثلاث ينبغي أن يفرّق. قاله السنديّ (٢).

(حَتَّى قَامَ رَجُلٌ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَقْتُلُهُ) أي لأن اللعب بكتاب اللَّه كفر، ولم يرد أن المقصود الزجر والتوبيخ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث محمود بن لبيد - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا ضعيف؟ لعلّتين:

(أحدهما): كون مخرمة لم يسمع من أبيه، وإنما يحدّث من كتابه، فقد صرّح بذلك أحمد، وابن معين، وابن المدينيّ، وابن حبّان. انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (٣)، وغيره.

وقد تفرّد بهذا الحديث، قال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- في "الكبرى": لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير مخرمة انتهى (٤).

(الثاني): أن محمود بن لَبيد لم يسمع من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإنما وُلد في عهده - صلى اللَّه عليه وسلم -. انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (٥) أيضًا.

وقال الحافظ في "الفتح": الحديث أخرجه النسائيّ، ورجاله ثقات، لكن محمود ابن لبيد وُلد في عهد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولم يثبت له منه سماع، وإن ذكره بعضهم في


(١) راجع "شرح الطيبيّ على المشكاة" ٦/ ٣٣٢ - ٣٣٣.
(٢) "شرح السنديّ" ٦/ ١٤٢ - ١٤٣.
(٣) "تهذيب التهذيب" ٤/ ٣٩ - ٤٠.
(٤) راجع "السنن الكبرى" للمصنّف ٣/ ٣٤٩ رقم ٥٥٩٤.
(٥) "تهذيب التهذيب" ٤/ ٣٧.