للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحتجّ الأولون بحديث الباب، فإن قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما كان لي، ولبني عبد المطّلب، فهو لكم" هبة مُشاع، وكذلك قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: للرجل الذي جاء بكبّة شعر: "ما كان لي ولبني عبد المطّلب فهو لك" أيضًا يدلّ على جواز هبة المشاع. وبما أخرجه أحمد في "مسنده" ٣/ ٤١٨، والنسائيّ برقم ٢٨١٨ - واللفظ له بإسناد صحيح، عن عمير بن سلمة الضمري، أنه أخبره عن البَهْزي، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، خرج يريد مكة، وهو محرم، حتى إذا كانوا بالرَّوحاء إذا حمار وحش عَقِير، فذُكر ذلك لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: "دَعُوه، فإنه يوشك أن يأتي صاحبه"، فجاء البَهْزي، وهو صاحبه، إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: (يا رسول اللَّه، صلى اللَّه عليك وسلم، شأنَكُم بهذا الحمار، فأمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أبا بكر، فقسمه بين الرِّفاق … الحديث.

ولأنه يجوز بيعه، فجازت هبته كالذي لا ينقسم؛ ولأنه مشاعٌ، فأشبه ما لا ينقسم. وقولهم: إن وجوب القسمة يمنع صحّة القبض: لا يصحّ، فإنه لم يمنع صحته في البيع، فكذا هنا. انتهى كلام ابن قُدامة بتصرّف (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بما ذُكر أن الراجح هو المذهب الأول، وهو جواز هبة المشاع؛ لقوّة دليله، والمانعون لم يأتوا بحجة مقنعة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".

٢ - (رُجُوعُ الْوَالِدِ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَذِكْرِ اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِلْخَبَرِ فِي ذَلِك)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وجه الاختلاف الذي أشار إليه أن عامرًا الأحول رواه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه. وخالفه حسين المعلّم فرواه عن عمرو بن شعيب، عن طاوس، عن ابن عمر، وابن عبّاس - رضي اللَّه عنهم -.


(١) "المغني" ٢٤٧ - ٢٤٨.