يؤخرون الغداء، والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة، لأنهم نُدبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها، أو فوت التبكير إليها.
وقوله: "نتتبع الفيء" إنما كان ذلك لشدة التبكير، وقصر حيطانه.
وفيه تصريح بأنه كان قد صار فيء يسير.
وقوله: "وليس للحيطان فيء يُستظلّ به" موافق لهذا، فإنه لم ينف الفيء من أصله، وإنما نفى ما يُستظلّ به، وهذا مع قصر الحيطان ظاهر في أن الصلاة كانت بعد الزوال متصلة به انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد عرفت فيما تقدّم أن أكثر هذه التأويلات فيها تكلّف ظاهر، لا حاجة إليه، فبعض الأحاديث يدل على صحة الجمعة قبل الزوال.
وأما ما قاله القاضي عياض، من أنه لم يصحّ عن الصحابة شيء، فغير صحيح، فقد تقدم في المسألة الثانية من شرح حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المذكور أول الباب إثباته عن كثير من السلف. فتنبّه.
والحاصل أن الراجح صحتها قبل الزوال، وإن كان الأولى كونها بعده. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذاالحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٤/ ١٣٩١ - وفي "الكبرى" -١٤/ ١٦٩٨ - بالسند المذكور.
وأخرجه (خ) ٥/ ١٥٩ (م) ٣/ ٩ (د) ١٥٨٥ (ق) ١١٠٠ (أحمد) ٤/ ٤٦ و٤/ ٥٤ (الدارمي) ١٥٥٤ (ابن خزيمة) ١٨٣٩. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توِفيقي إلّا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
١٥ - (بَابُ الأذَانِ للْجُمُعَةِ)
١٣٩٢ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ
(١) "شرح مسلم" ٦/ ١٤٨ - ١٤٩.