للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان جواز استعمال الأنماط، ومحلّ الاستدلال قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إنها ستكون" حيث أخبر بأن الأنماط ستكون لهم؛ لأنه لو لم يحلّ اتخاذها لبيّن لهم ذلك.

وتعقّب هذا الاستدلال في "الفتح" بأن الإخبار بأن الشيء سيكون لا يقتضي إباحته، إلا إن استَدلّ المستدلّ به على التقرير، فيقول: أخبر الشارع بأنه سيكون، ولم يَنْهَ عنه، فكأنه أقرّه، وقد وقع قريبٌ؛ من هذا في حديث عديّ بن حاتم - رضي اللَّه عنه - في خروج الظعينة من الْحِيرَة إلى مكة بغير خَفِير، فاستدلّ به بعض الناس على جواز سفر المرأة بغير محرم. وفيه من البحث ما ذُكِر انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي بين القضيّتين فرقٌ، فإن قضية الظعينة قد قامت نصوص كثيرة بعدم جواز سفر المرأة بغير محرم، نصًّا، لا يرتاب فيه أحدٌ، وأما قضيّة الأنماط، فليس هناك نصّ يدلّ صراحة على تحريم اتخاذها، فتبصّر.

والحاصل أن الاستدلال بتقريره - صلى اللَّه عليه وسلم - لجابر حينما قال له: "إنها ستكون لكم" دليلٌ واضح على جواز اتخاذها. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أن فيه معجزةً ظاهرةً بإخباره - صلى اللَّه عليه وسلم - بما سيقع بعده من الفتوحات التي نالتها أمته، وقد وقعت على طبق إخباره - صلى اللَّه عليه وسلم -. (ومنها): التورّع من الترفّه بملاذّ الدنيا. (ومنها): فضل جابر - رضي اللَّه تعالى عنه -، حيث كان يأمر امرأته بإبعاد الأنماط من بيته، خوفًا أن يدخل تحت قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} الآية [الأحقاف: ٢٠]، فإن الآية، وإن سيقت لبيان حال الكفّار، إلا أن من صفات المؤمن الخوف من اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٨٤ - (الْهَدِيّةُ لِمَنْ عَرَّسَ)

أي هذا باب ذكر استحباب الهديّة للعَرُوس صبيحة بنائه بأهله، كما يدلّ عليه رواية مسلم، ففي رواية له من حديث أنس - رضي اللَّه عنه -: "أصبح رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عروسًا بزينب بنت


(١) "فتح" ٧/ ٣٣٩ - ٣٤٠.