للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طعام أو غيره، فيبيع صاحبها ذلك لإنسان قبل أن يقبضه.

وَقَدْ اختلف العلماء فِي ذلك، والأصح عند أصحابنا وغيرهم: جواز بيعها، والثانى: منعها، فمن منعها أخذ بظاهر قول أبى هريرة -رضي الله عنه-، وبحجته، ومن أجازها تأول قضية أبى هريرة، عَلَى أن المشتري ممن خرج له الصك باعه لثالث قبل أن يقبضه المشتري، فكان النهي عن البيع الثاني، لا عن الأول؛ لأن الذي خرجت له مالك لذلك ملكا مستقرا, وليس هو بمشتر، فلا يمتنع بيعه قبل القبض، كما لا يمتنع بيعه ما ورثه قبل قبضه، قَالَ القاضي عياض بعد أن تأوله عَلَى نحو ما ذكرته: وكانوا يتبايعونها، ثم يبيعها المشترون قبل قبضها، فنهوا عن ذلك، قَالَ: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فرده عليه، وَقَالَ لا تبع طعاما ابتعته حَتَّى تستوفيه. انتهى.

هَذَا تمام الْحَدِيث فِي "الموطإ"، وكذا جاء الْحَدِيث مفسرا فِي "الموطإ" أن صكوكا خرجت للناس فِي زمن مروان بطعام، فتبايع النَّاس تلك الصكوك، قبل أن يستوفوها، وفي "الموطإ"، ما هو أبين منْ هَذَا، وهو أن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- ابتاع طعاما أَمر به عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، فباع حكيم الطعام الذي اشتراه قبل قبضه. والله أعلم. انتهى "شرح مسلم" ١٠/ ٤١٢.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا التأويل الذي ذكره النوويّ رحمه الله تعالى وغيره لأثر أبي هريرة -رضي الله عنه- المذكور حسنٌ جدًّا، يشهد له ما مرّ آنفًا عن "الموطّإ". والله تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، كما سبق بيانه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ وما توفيقى إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٥٨ - (الرَّجُلُ يَشْتَرِي الطَّعَامَ إِلَى أَجَلٍ، وَيَسْتَرْهِنُ الْبَائِعُ مِنْهُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "الرهن" -بفتح أوله وسكون الهاء- فِي اللغة: الاحتباس، منْ قولهم: رَهَنَ الشيءُ منْ باب قعد: إذا دام، وثبت، ومنه: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا