للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} الآية [المدّثّر: ٣٨]، وفي الشرع: جعلُ مال وثيقة عَلَى دين، ويطلق أيضا عَلَى العين المرهونة؛ تسميةً للمفعول باسم المصدر، وأما الرُّهُن بضمتين، فجمع رَهن، كفلس وفُلُوس، ويجمع أيضا عَلَى رِهان بكسر الراء، ككتب وكتاب، وقُرىء بهما. أفاده فِي "الفتح" ٥/ ٤٣٨.

وَقَالَ فِي "المغني": "الرهن" فِي اللغة: الثبوت والدوام، يقال: ماء راهن: أي راكد، ونعمة راهنة: أي ثابتة دائمة، وقيل: هو منْ الحبس، قَالَ الله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١]، وَقَالَ: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨]، وَقَالَ الشاعر [منْ البسيط]:

وَفَارَقَتْكِ بِرَهْنٍ لَا فَكَاكَ لَهُ … يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَضْحَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا

شَبَهّ لزوم قلبه لها، واحتباسه عندها لشدة وجده بها، بالرهن الذي يلزمه المرتهن، فيُبقيه عنده، ولا يفارقه، وغَلَقُ الرهن: استحقاق المرتهن إياه؛ لعجز الراهن عن فكاكه.

والرهن فِي الشرع: المال الذي يُجعل وثيقة بالدين؛ ليُستَوفَى منْ ثمنه، إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه. وهو جائز بالكتاب، والسنة، والإجماع:

أما الكتاب: فقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} الآية [البقرة: ٢٨٣]، وتُقرأ {فَرُهُن} والرهان جمع رهن، والرُّهُن جمع الجمع، قاله الفراء. وَقَالَ الزجاج: يحتمل أن يكون جمع رَهْن، مثل سقف وسقف.

وأما السنة: فروت عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اشترى منْ يهودي طعاما، ورهنه درعه" متَّفقٌ عليه، ورَوَى أبو هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الظهر يُركب بنفقته، إذا كَانَ مرهونا, ولبن الدر يشرب بنفقته، إذا كَانَ مرهونا، وعلى الذي يركب، ويشرب النفقة"، رواه البخاريّ. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لا يَغلَقُ الرهنُ" (١).

وأما الإجماع: فأجمع المسلمون عَلَى جواز الرهن فِي الجملة. انتهى "المغني" ٦/ ٤٤٣ - ٤٤٤. والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٦١١ - (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: "اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ).


(١) رواه ابن ماجه ٢/ ٨١٦ وهو ضعيف، فِي سند محمد بن حميد الرازيّ ضعفه الجمهور، وشيخه سيء الحفظ.