للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تشمل هذه الأمة إذا سلكت سبيلهم بتركها الحكم بما أنزل الله جحودًا وعنادًا، لا ظلمًا وفسقًا. والله تعالى أعلم.

وَقَالَ ابن أبي العزّ فِي شرح "العقيدة الطحاويّة": ما خلاصته: الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفرًا ينقل عن الملّة، وَقَدْ يكون معصية كبيرة، أو صغيرة، ويكون كفرًا مجازيًّا، وذلك بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مُخَيَّرٌ فيه، أو استهان به مع تيقّنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر (١)، وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله، وعلمه فِي هذه الواقعة، وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحقّ للعقوبة، فهذا عاص، ويسمّى كافرًا كفرًا مجازيًا، أو كفرًا أصغر، وإن جهل حكم الله فيها، مع بذل جهده، واستفراغ وسعه فِي معرفة الحكم، وأخطأه، فهذا مخطىء، له أجرٌ عَلَى اجتهاده، وخطؤه مغفور. انتهى كلام ابن أبي العزّ رحمه الله تعالى (٢)، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

١٣ - (الْحُكْمُ بِالظَّاهِرِ)

٥٤٠٣ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ").


(١) علّق العلامة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى هنا ما نصّه: وهذا مثل ما ابتلي به الذين درسوا القوانين الأوربيّة منْ رجال الأمم الإِسلاميّة، ونسائها أيضًا الذين أشربوا فِي قلوبهم حبّها، والشغف بها، والذبّ عنها، وحكموا بها، وأذاعوها بما ربّوا منْ تربية أساسها صنع المبشرين الهدّامين أعداء الإِسلام، ومنهم منْ يصرّح، ومنهم منْ يتوارى، ويكادون يكونون سواء، فإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى. كلامه. هامش "شرح الطحاوية" ص ٣٢٤.
(٢) راجع "شرح العقيدة الطحاوية" ص ٣٢٣ - ٣٢٤ تخريج الشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى الطبعة الثامنة.