وقوله:"فقد دخلت بها" فسره قوله في الرواية الآتية في الباب التالي من طريق ابن عيينة، عن عمرو:"فهو بما استحللت من فرجها".
وقوله:"فهو أبعد منك" وفي الرواية المذكورة: "أبعد لك". ووقع في رواية للبخاريّ بلفظ:"فذلك أبعد، وأبعد لك منها"، بتكرير لفظ "أبعد" تأكيدًا. وقوله:"ذلك" إشارة إلى الكذب؛ لأنه مع الصدق يبعد عليه استحقاق إعادة المال، ففي الكذب أبعد.
والحديث متّفقٌ عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٤٤ - (اجْتِمَاعُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذا بيان حكم اجتماع المتلاعنين، وهو أنه لا يجوز، وأن الفرقة بينهما تحريم مؤبّد؛ لقوله في هذا الحديث:"لا سبيل لك عليها"، ولما سبق في حديث سهل بن سعد - رضي اللَّه تعالى عنهما - من رواية ابن جريج، عن ابن شهاب:"فكانت تلك سنة في المتلاعنين، لا يجتمعان أبدًا، وقد سبق الاختلاف في كونه مرسلاً، أو موصولاً. وبهذا قال الجمهور، وهو المذهب الراجح.
وقال بعضهم: يجوز أن يتزوّجها، وإنما يقع باللعان طلقة واحدةٌ بائنة، وبه قال حمّاد، وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن، وصحّ عن ابن المسيّب، قالوا: ويكون الملاعن إذا أكذب نفسه خاطبًا من الخطاب. وعن الشعبيّ، والضحّاك: إذا أكذب نفسه رُدّت إليه امرأته. قال ابن عبد البرّ: هذا عندي قولٌ ثالث. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون معنى قوله: "رُدّت إليه" أي بعد العقد الجديد، فيوافق الذي قبله. قال ابن السمعانيّ: لم أقف على دليل لتأييد الفرقة من حيث النظر، وإنما المتّبع في ذلك النصّ. وقال ابن عبد البرّ: أبدى بعض أصحابنا له فائدةً، وهو أن لا يجتمع ملعونٌ مع غير ملعون؛ لأن أحدهما ملعونٌ في الجملة، بخلاف ما إذا تزوّجت المرأة غير الملاعن، فإنه لا يتحقّق.
وتُعُقّب بأنه لو كان كذلك لامتنع عليهما معًا التزويج؛ لأنه يتحقّق أن أحدهما