للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحد، وأما "أحد" بمعنى "واحد" فلا خلاف في استعمالها في الإثبات، نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ونحو: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ}، ونحو: "أحدكما كاذب". قاله في "الفتح" (١).

وقوله: "فهل منكما تائب؟ " يحتمل أن يكون إرشادًا؛ لأنه لم يحصل منهما، ولا من أحدهما اعترافٌ، ولأن الزوج لو أكذب نفسه كانت توبة منه (٢).

وقوله: "قال أيوب": هو موصول بالسند الأول.

وقوله: "وقال عمرو بن دينار": إن في هذا الحديث شيئًا، لا أراك تحدّث به".

حاصله أن عمرو بن دينار، وأيوب سمعا الحديث جميعًا من سعيد بن جبير، فحفظ فيه عمرو ما لم يحفظه أيوب، وهو قوله: "قال الرجل: مالي، قال: لا مال لك، إن كنت صادقًا، فقد دخلت بها، وإن كنت كاذبًا، فهي أبعد منك".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وقد روى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن كلّ من عمرو بن دينار، وأيوب السختيانيّ، فروايته عن عمرو ستأتي في الباب التالي، وروايته عن أيوب أخرجها البخاريّ، فقال بعد أن ساق الحديث عن علي بن المدينيّ، عن سفيان، عن عمرو: قال سفيان: حفظته من عمرو، وقال أيوب: سمعت سعيد بن جبير، فساقه، ثم قال: قال سفيان: حفظته من عمرو، ومن أيوب، كما أخبرتك.

قال في "الفتح": قوله: "قال أيوب" هو موصول بالسند المبتدإ به، وليس بتعليق، وحاصله أن الحديث كان عند سفيان، عن عمرو بن دينار، وعن أيوب جميعًا، عن ابن عمر. وقد وقع في رواية الحميديّ، عن سفيان: "قال: وحدّثنا أيوب في مجلس عمرو بن دينار، فحدّثه عمرو بحديثه هذا، فقال له أيوب: أنت أحسن حديثًا منّي". وسبب قوله هذا أن في حديث عمرو ما ليس عند أيوب من الزيادة، كما سبق قريبًا. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "قال الرجل: مالي". فاعلٌ لفعل محذوف، كأنه لما سمع "لا سبيل لك عليها قال: أيذهب مالي؟، والمراد به الصداق. قال ابن العربيّ: قوله: "مالي" أي الصداق الذي دفعته إليها، فأجيب بأنك استوفيته بدخولك عليها، وتمكينها لك من نفسها، ثم أوضح له ذلك بتقسيم مستوعبٍ، فقال: إن كنت صادقًا فيما ادّعيته عليها، فقد استوفيت حقّك منها قبل ذلك، وإن كنت كذبت عليها، فذلك أبعد لك من مطالبتها؛ لئلا تجمع عليها الظلم في عرضها، ومطالبتها بمال قبضته منك قبضًا صحيحًا تستحقّه.


(١) "فتح" ١٠/ ٥٧٤.
(٢) "عمدة القاري" ١٧/ ٨٧. "فتح" ١٠/ ٥٧٤.