للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنَ الْمُبَايَعَاتِ، وَالْمُتَاجَرَاتِ) عطف تفسير لما قبله (نَقْدًا وَنَسِيئَة، بَيْعًا وَشِرَاءً، فِي جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ، وَفِي كلّ مَا يَتَعَاطاهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ, مُجْتَمِعِينَ بِمَا رَأَوْا، وَيَعْمَلَ كُلّ واحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ، بِكُلِّ مَا رَأَى، وَكُلِّ مَا بَدَا لَهُ) أي ظهر من المصلحة (جَائِزٌ) أي ثابت، ولازم (أَمْرُهُ في ذَلِكَ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ) يعني أن كلّ واحد من الشركاء لو فعل شيئًا مما ذكر من البيع نقدًا، أو نسيئة، والشراء كذلك، ونحو ذلك لزم الآخرين، وليس لهم أن يعترضوا على شيء من ذلك (وَعَلَى أنَّهُ) الضمير للشأن، تُفَسِّرُهُ الجملة بعده، (كُلُّ مَا لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، عَلَى هَذهِ الشَّركَةِ، الْمَوْصُوفَةِ في هَذَا الكِتَاب، مِنْ حَقٍّ، وَمِنْ دَينِ، فَهُوَ لَازِمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، مِنْ أَصْحَابهِ الْمُسَمَّينَ مَعَهُ فِي هَذَا الكَتَابِ، وَعَلَى أَنَّ جمَيعَ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ، فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ، المُسَمَّاةِ فِيهِ، وَمَا رَزَقَ اللَّهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيهَا) أَي الشركة (عَلَى حِدَتِهِ، مِنْ فَضْلٍ، وَرِبح، فَهُوَ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا بِالسَّوِيَّةِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ نَقِيصَةٍ) أي نقص، مثل الغرامات (فَهُوَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا بالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ، وَقَد جَعَلَ كُلُّ واحِدٍ من فُلَانِ، وَفُلَانٍ، وَفُلَانٍ، وَفُلَانٍ، كُلّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ المُسَمَّينَ، فِي هَذَا الكِتَابِ مَعَهُ، وَكِيلَهُ فِي المطَالَبَةِ، بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ، وَالْمُخَاصَمَةِ فِيهِ، وَقَبْضِهِ، وَفِي خُصُومَةِ كُلِّ مَنِ اعْتَرَضَهُ بخُصُومَةٍ، وَكُلِّ مَن يُطَالِبُهُ بِحَقٍّ، وَجَعَلَهُ وَصِيَّهُ فِي شَرِكَتِهِ، مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ) هذا يدلّ عَلى أن الشركة لا تبطل بموت أحد الشركاء، والمشهور عند الفقهاء أنها تبطل بالموت، وبالجنون، ونحو ذلك، فليُتأمّل (وَفِي قَضَاءِ دُيُونه، وَإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ، وَقَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، مَا جَعَلَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، أَقَرَّ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ) واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٥ - (بَابُ شَرِكَةِ الأَبْدَانِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: شَرِكةُ الأبدان أصلها شَرِكةٌ بالأبدان، لكن حُذفت الباء، ثم أُضيفت؛ سُمِّيت بذلك لأنهم بذلوا أبدانهم في الأعمال؛ لتحصيل المكاسب. قاله في "المصباح المنير".

وقال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: معنى شرِكة الأبدان أن يشترك اثنان، أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم، كالصُّنّاع، يشتركون على أن يعملوا في صناعاتهم، فما رزق اللَّه تعالى، فهو بينهم، وإن اشتركوا فيما يكسبون من المباح، كالحطب، والحشيش،